به أن يفطر إن كان صومه تطوعا؟ قال أكثر الشافعية وبعض الحنابلة: إن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالأفضل الفطر وإلا فالصوم. وأطلق الروياني استحباب الفطر، وهذا على رأي من يجوز الخروج من صوم النفل، وأما من يوجب الاستمرار فيه بعد التلبس به فلا يجوزه. قوله: فذلك إذن له فيه دليل على أنه لا يجب الاستئذان على المدعو إذا كان معه رسول الداعي، وأن كون الرسول معه بمنزلة الاذن.
باب ما يصنع إذا اجتمع الداعيان عن حميد بن عبد الرحمن الحميري: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما بابا، فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا، فإذا سبق أحدهما فأجب الذي سبق رواه أحمد وأبو داود.
وعن عائشة: أنها سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ فقال: إلى أقربهما منك بابا ورواه أحمد والبخاري.
الحديث الأول في إسناده أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن المعروف بالدالاني وقد وثقه أبو حاتم الرازي، وقال الإمام أحمد: لا بأس به. وقال ابن معين: ليس به بأس. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وقال ابن عدي: في حديثه لين إلا أنه يكتب حديثه. وحكي عن شريك أنه قال: كان مرجئا. وقال في التلخيص: إن إسناد هذا الحديث ضعيف. ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة من رواية حميد بن عبد الرحمن عن أبيه به، وقد جعل الحافظ حديث عائشة المذكور شاهدا للحديث الأول، ووجه ذلك أن إيثار الأقرب بالهدية يدل على أنه أحق من الأبعد في الاحسان إليه، فيكون أحق منه بإجابة دعوته مع اجتماعهما في وقت واحد، فإن تقدم أحدهما كان أولى بالإجابة من الآخر، سواء كان السابق هو الأقرب أو الأبعد، فالقرب وإن كان سببا للإيثار ولكنه لا يعتبر إلا مع عدم السبق، فإن وجد السبق فلا اعتبار للقرب، فإن وقع الاستواء في قرب الدار وبعدها مع الاجتماع في الدعوة فقال الامام يحيى: يقرع بينهما، وقد قيل: إن من مرجحات الإجابة لأحد الداعيين كونه رحما أو من أهل العلم أو الورع أو القرابة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.