باب العاملين على الصدقة من كتاب الزكاة، وسيذكر الأحاديث الواردة في تصرف المرأة في مال زوجها، والعبد في مال سيده، والخازن في مال من جعله خازنا، في آخر كتاب الهبة والعطية. وذكر حديث الخازن ههنا للاستدلال به على جواز التوكيل في الصدقة لقوله فيه: الذي يعطي ما أمر به كاملا. وقوله اغد يا أنيس سيأتي في كتاب الحدود وفيه دليل على أنه يجوز للامام توكيل من يقيم الحد على من وجب عليه. وحديث علي عليه السلام تقدم في باب الصدقة بالجلود من أبواب الضحايا والهدايا، وفيه دليل على جواز توكيل صاحب الهدي لرجل أن يقسم جلودها وجلالها. وحديث أبي هريرة هو في صحيح البخاري وغيره، وقد أورده في كتاب الوكالة وبوب عليه باب إذا وكل رجل رجلا فترك الوكيل شيئا فأجازه الموكل فهو جائز، وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز، وذكر فيه مجئ السارق إلى أبي هريرة وأنه شكا إليه الحاجة فتركه يأخذ، فكأنه أسلفه إلى أجل وهو وقت إخراج زكاة الفطر. وحديث عقبة ابن عامر تقدم في باب السن الذي يجزئ في الأضحية وفيه دليل على جواز التوكيل في قسمة الضحايا. (وهذه الأحاديث) تدل على صحة الوكالة وهي بفتح الواو وقد تكسر التفويض والحفظ، تقول: وكلت فلانا إذا استحفظته، ووكلت الامر إليه بالتخفيف إذا فوضته إليه، وهي في الشرع إقامة الشخص غيره مقام نفسه مطلقا أو مقيدا، وقد استدل على جواز الوكالة من القرآن بقوله تعالى: * (فابعثوا أحدكم بورقكم) * (سورة الكهف، الآية: 19). وقوله تعالى: * (اجعلني على خزائن الأرض) * (سورة يوسف، الآية: 55) وقد دل على جوازها أحاديث كثيرة منها ما ذكره المصنف في هذا الكتاب، وقد أورد البخاري في كتاب الوكالة ستة وعشرين حديثا، ستة معلقة والباقية موصولة. وقد حكى صاحب البحر الاجماع على كونها مشروعة، وفي كونها نيابة أو ولاية وجهان: فقيل نيابة لتحريم المخالفة، وقيل ولاية لجواز المخالفة إلى الأصلح كالبيع بمعجل وقد أمر بمؤجل.
وعن سليمان بن يسار: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث أبا رافع مولاه رجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث وهو بالمدينة قبل أن يخرج رواه مالك في الموطأ. وهو دليل على أن تزوجه بها سبق إحرامه وأنه خفي على ابن عباس.
وعن جابر قال: أردت الخروج إلى خيبر فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إذا