وأبو حنيفة والهادوية وابن أبي ليلى والبتي وجمهور أهل العلم: أن له أن يأخذه بالشفعة، ولا يكون مجرد الاذن مبطلا لها. وقال الثوري والحكم وأبو عبيد وطائفة من أهل الحديث: ليس له أن يأخذه بالشفعة بعد وقوع الاذن منه بالبيع، وعن أحمد روايتان كالمذهبين، ودليل الآخرين مفهوم الشرط فإنه يقتضي عدم ثبوت الشفعة مع الايذان من البائع. ودليل الأولين الأحاديث الواردة في شفعة الشريك والجار من غير تقييد، وهي منطوقات لا يقاومها ذلك المفهوم، ويجاب بأن المفهوم المذكور صالح لتقييد تلك المطلقات عند من عمل بمفهوم الشرط من أهل العلم، والترجيح إنما يصار إليه عند تعذر الجمع، وقد أمكن ههنا بحمل المطلق على المقيد.
وعن عبادة بن الصامت: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والدور رواه عبد الله بن أحمد في المسند، ويحتج بعمومه من أثبتها للشريك فيما تضره القسمة. وعن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: جار الدار أحق بالدار من غيره رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه. وعن الشريد بن سويد قال: قلت يا رسول الله أرض ليس لأحد فيها شرك ولا قسم إلا الجوار، فقال: الجار أحق بسقبه ما كان رواه أحمد والنسائي وابن ماجة. ولابن ماجة مختصرا: الشريك أحق بسقبه ما كان.
حديث عبادة أخرجه أيضا الطبراني في الكبير وهو من رواية إسحاق عن عبادة ولم يدركه، وتشهد لصحته الأحاديث الواردة في ثبوت الشفعة فيما هو أعم من الأرض والدار، كحديث جابر المتقدم، وكحديث ابن عباس عند البيهقي مرفوعا بلفظ: الشفعة في كل شئ ورجاله ثقات إلا أنه أعل بالارسال. وأخرج الطحاوي له شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته كما قال الحافظ، ويشهد لحديث عبادة أيضا الأحاديث الواردة بثبوت الشفعة في خصوص الأرض، كحديث شريد بن سويد المذكور في خصوص الدار، كحديث سمرة المذكور أيضا، وهكذا تشهد له الأحاديث القاضية بثبوت الشفعة للجار على العموم، وحديث سمرة أخرجه أيضا البيهقي والطبراني والضياء، وفي سماع الحسن عن سمرة مقال معروف قد تقدم التنبيه عليه، ولكنه أخرج هذا الحديث أبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه والطحاوي وأبو يعلى والطبراني في الأوسط والضياء عن أنس، وأخرجه ابن سعد عن الشريد بن