مجرد المضارة في الوصية إذا كانت من موجبات النار بعد العبادة الطويلة في السنين المتعددة بلا شك أنها من أشد الذنوب التي لا يقع في مضيقها إلا من سبقت له الشقاوة، وقراءة أبي هريرة للآية لتأييد معنى الحديث وتقويته، لأن الله سبحانه قد قيد ما شرعه من الوصية بعدم الضرار، فتكون الوصية المشتملة على الضرار مخالفة لما شرعه الله تعالى، وما كان كذلك فهو معصية. وقد تقدم قريبا عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا بإسناد صحيح أن وصية الضرار من الكبائر. وذلك مما يؤيد معنى الحديث، فما أحق وصية الضرار بالابطال من غير فرق بين الثلث وما دونه وما فوقه، وقد جمعت في ذلك رسالة مشتملة على فوائد لا يستغنى عنها.
باب ما جاء في كراهة مجاوزة الثلث والايصاء للوارث عن ابن عباس قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: الثلث والثلث كثير متفق عليه. وعن سعد بن أبي وقاص أنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعودني من وجع اشتد بي فقلت: يا رسول الله إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: لا، قلت:
فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير أو كبير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس رواه الجماعة. وفي رواية أكثرهم: جاءني يعودني في حجة الوداع وفي لفظ: عادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضي فقال: أوصيت؟ قلت: نعم، قال: بكم؟ قلت: بمالي كله في سبيل الله، قال: فما تركت لولدك؟
قلت: هم أغنياء، قال: أوص بالعشر، فما زال يقول وأقول حتى قال: أوص بالثلث والثلث كثير وكبير رواه النسائي وأحمد بمعناه إلا أنه قال: قلت: نعم جعلت مالي كله في الفقراء والمساكين وابن السبيل هو دليل على نسخ وجوب الوصية للأقربين. وعن أبي الدرداء: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ليجعلها لكم زيادة في