الماء منعهم من الرعي، وإلى هذا التفسير ذهب الجمهور، وعلى هذا يختص البذل بمن له ماشية، ويلحق به الرعاة إذا احتاجوا إلى الشرب، لأنه إذا منعهم من الشرب امتنعوا من الرعي هناك، ويحتمل أن يقال: يمكنهم حمل الماء لأنفسهم لقلة ما يحتاجون إليه منه بخلاف البهائم والصحيح الأول، ويلتحق بذلك الزرع عند مالك، والصحيح عند الشافعية، وبه قالت الحنفية الاختصاص بالماشية، وفرق الشافعي فيما حكاه المزني عنه بين المواشي والزرع، بأن الماشية ذات أرواح يخشى من عطشها موتها بخلاف الزرع، وبهذا أجاب النووي وغيره، واستدل لمالك بحديث جابر المتقدم لاطلاقه وعدم تقييده وتعقب بأنه يحمل على المقيد، وعلى هذا لو لم يكن هناك كلا يرعى فلا منع من المنع لانتقاء العلة. قال الخطابي: والنهي عند الجمهور للتنزيه، وهو محتاج إلى دليل يصرف النهي عن معناه الحقيقي وهو التحريم. قال في الفتح: وظاهر الحديث وجوب بذله مجانا، وبه قال الجمهور، وقيل لصاحبه: طلب القيمة من المحتاج إليه كما في طعم المضطر، وتعقب بأنه يلزم منه جواز البيع حالة امتناع المحتاج من بذل القيمة ورد بمنع الملازمة، فيجوز أن يقال: يجب عليه البذل وتثبت له القيمة في ذمة المبذول له، فيكون له أخذ القيمة منه متى أمكن، ولكنه لا يخفى أن رواية لا يباع فضل الماء أو رواية النهي عن بيع فضل الماء يدلان على تحريم البيع، ولو جاز له أخذ العوض لجاز له البيع. قوله: نقع البئر أي الماء الفاضل فيها عن حاجة صاحبها. وفيه دليل على أنه لا يجوز منع فضل الماء الكائن في البئر، كما لا يجوز منع فضل ماء النهر، وأنه لا فرق بينهما، والنقع بفتح النون وسكون القاف بعدها عين مهملة.
باب الناس شركاء في ثلاث وشرب الأرض العليا قبل السفلى إذا قل الماء واختلفوا فيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يمنع الماء والنار والكلأ. رواه ابن ماجة. عن أبي خراش عن بعض أصحاب النبي