باب ما جاء فيمن غصب شاة فذبحها وشواها أو طبخها عن عاصم بن كليب أن رجلا من الأنصار أخبره قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجئ بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلوك لقمة في فمه ثم قال: أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها، فقالت المرأة، يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل بها إلي بثمنها فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أطعميه الأسارى رواه أحمد وأبو داود والدارقطني. وفي لفظ له:
ثم قال: إني لأجد لحم شاة ذبحت بغير إذن أهلها فقالت: يا رسول الله أخي وأنا من أعز الناس عليه، ولو كان خيرا منها لم يغير علي، وعلي أن أرضيه بأفضل منها، فأبى أن يأكل منها، وأمر بالطعام للأسارى.
الحديث في إسناده عاصم بن كليب، قال علي بن المديني: لا يحتج به إذا انفرد. وقال الإمام أحمد: لا بأس به، وقال أبو حاتم الرازي: صالح. وقد أخرج له مسلم. وأما جهالة الرجل الصحابي فغير قادحة لما قررناه غير مرة من أن مجهول الصحابة مقبول، لان عموم الأدلة القاضية بأنهم خير الخليقة من جميع الوجوه أقل أحوالها أن تثبت لهم بها هذه المزية أعني قبول مجاهيلهم لاندراجهم تحت عمومها. ومن تولى الله ورسوله تعديله فالواجب حمله على العدالة حتى ينكشف خلافها ولا انكشاف في المجهول. قوله: يلوك قال في القاموس: اللوك أهون المضغ أو مضغ صلب. قوله:
لقمة بضم اللام وسكون القاف ويجوز فتح اللام. قال في القاموس: اللقمة وتفتح ما يهيأ للفم. قوله: فلم يوجد بضم أوله وسكون الواو وكسر الجيم أي لم يعطني ما طلبته، وفي القاموس: أوجده أغناه وفلانا مطلوبه أظفره به. (والحديث) فيه دليل على مشروعية إجابة الداعي وإن كان امرأة والمدعو رجلا أجنبيا إذا لم يعارض ذلك مفسدة مساوية أو راجحة، وفيه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ظاهرة لعدم إساغته لذلك اللحم، وإخباره بما هو الواقع من أخذها بغير إذن أهلها،