نظر عورة المرأة. وقد تقدم في كتاب الصلاة بيان العورة من الرجل والعورة من المرأة. والمراد هنا العورة المغلظة. قال في البحر فصل: يجب ستر العورة المغلظة من غير من له الوطئ إجماعا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: احفظ عورتك الخبر ونحوه انتهى. قوله: ولا يفضي الرجل الخ، فيه دليل على أنه يحرم أن يضطجع الرجل مع الرجل أو المرأة مع المرأة في ثوب واحد من الافضاء ببعض البدن، لان ذلك مظنة لوقوع المحرم من المباشرة أو مس العورة أو غير ذلك. وحديث بريدة فيه دليل على أن النظر الواقع فجأة من دون قصد وتعمل لا يوجب إثم الناظر، لأن التكليف به خارج عن الاستطاعة، وإنما الممنوع منه النظر الواقع على طريقة التعمد، أو ترك صرف البصر بعد نظر الفجأة، وقد استدل بذلك من قال بتحريم النظر إلى الأجنبية، ولم يحكه في البحر إلا عن المؤيد بالله وأبي طالب. وحكي في البحر أيضا عن الفقهاء والامام يحيى أنه يجوز ولو لشهوة، وتعقبه صاحب المنار أن كتب الفقهاء ناطقة بالتحريم قال: ففي منهاج النووي وهو عمدتهم: ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة أجنبية وكذا وجهها وكفيها عند خوف فتنة، وكذا عند الامن على الصحيح، ثم قال في نظر الأجنبية إلى الأجنبي كهو إليها. وفي المنتهى من كتب الحنابلة: ولشاهد ومعامل نظر وجه مشهود عليها ومن تعامله وكفيها لحاجة، والحنفية لا يجيزون النظر إلى الوجه والكفين مع الشهوة، ولفظ الكنز: ولا ينظر من اشتهى. قال الشارح العيني في الشاهد: لا يجوز له وقت التحمل أن ينظر إليها لشهوة، هذا ما تعقب به صاحب المنار قال في بهجة المحافل للعامري الشافعي في حوادث السنة الخامسة ما لفظه. وفيها نزول الحجاب، وفيه مصالح جليلة وعوائد في الاسلام جميلة، ولم يكن لأحد بعده النظر إلى أجنبية لشهوة أو لغير شهوة، وعفى عن نظر الفجأة انتهى. وفي شرح السليقية للامام يحيى في شرح الحديث الرابع والعشرين في شرح قوله: إياكم وفضول النظر فإنه يبذر الهوى ويولد الغفلة التصريح بتحريم النظر إلى النساء الأجانب لشهوة أو لغير شهوة.
وقال ابن مظفر في البيان: إنه يحرم النظر إلى الأجنبية مع الشهوة اتفاقا. وقال الامام عز الدين في جواب له: والصحيح المعمول عليه رواية شرح الأزهار وهي رواية البحر أن الامام يحيى ومن معه يجوزون النظر ولو مع شهوة انتهى. ومن جملة ما استدل به المانعون من النظر مطلقا قوله تعالى: * (قل للمؤمنين يغضوا من