الحديث المذكور، وكذلك تخييره صلى الله عليه وآله وسلم للجارية كما في حديث ابن عباس المذكور، وكذلك حديث ابن عمر المذكور أيضا، ويدل على ذلك أيضا حديث أبي هريرة المذكور لما فيه من النهي. وظاهر قوله: الثيب أحق بنفسها أنه لا فرق بين الصغيرة والكبيرة، وبين من زالت بكارتها بوطئ حلال أو حرام، وخالف في ذلك أبو حنيفة فقال: هي كالبكر واحتج بأن علة الاكتفاء بسكوت البكر هي الحياء وهو باق فيمن زالت بكارتها بزنا، لأن المسألة مفروضة فيمن لم تتخذ الزنا ديدنا وعادة، وأجيب بأن الحديث نص على أن الحياء تعلق بالبكر، وقابلها بالثيب فدل على أن حكمها مختلف، وهذه ثيب لغة وشرعا، وأما بقاء حيائها كالبكر فممنوع.
باب الابن يزوج أمه عن أم سلمة: أنها لما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطبها قالت: ليس أحد من أوليائي شاهدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك، فقالت لابنها: يا عمر قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فزوجه رواه أحمد والنسائي.
الحديث قد أعل بأن عمر المذكور كان عند تزوجه صلى الله عليه وآله وسلم بأمه صغيرا له من العمر سنتان لأنه ولد في الحبشة في السنة الثانية من الهجرة، وتزوجه صلى الله عليه وآله وسلم بأمه كان في السنة الرابعة. قيل: وأما رواية: قم يا غلام فزوج أمك فلا أصل لها. وقد استدل بهذا الحديث من قال: بأن الولد من جملة الأولياء في النكاح وهم الجمهور. وقال الشافعي ومحمد بن الحسن وروي عن الناصر أن ابن المرأة إذ لم يجمعها وإياه جد فلا ولاية له، ورد بأن الابن يسمى عصبة اتفاقا بأنه داخل في عموم قوله تعالى: * (وانكحوا الأيامى منكم) * (سورة النور، الآية: 32) لأنه خطاب للأقارب وأقربهم الأبناء، وأجاب عن هذا الرد في ضوء النهار بأن ظاهر انكحوا صحة عقد غير الأقارب، وإنما خصصهم الاجماع استنادا إلى العادة، والمعتاد إنما هو غير الابن، كيف والابن متأخر عن التزويج في الغالب، والمطلق يقيد بالعادة كما عرف في الأصول والعموم لا يشمل النادر، ولان نكاح العاقلة خاصة مفوض إلى نظرها، وإنما الولي وكيل