أبصارهم) * (سورة النور، الآية: 30) وقوله تعالى: * (فاسألوهن من وراء حجاب) * (سورة الأحزاب، الآية: 53) وأجيب بأن ذلك خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه إنما شرع قطعا لذريعة وقوف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيته، ولا يخفى أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. (ومن جملة) ما استدلوا به حديث ابن عباس عند البخاري: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أردف الفضل بن العباس يوم النحر خلفه وفيه قصة المرأة الوضيئة الخثعمية فطفق الفضل ينظر إليها فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذقن الفضل فحول وجهه عن النظر إليها. وأجيب بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما فعل ذلك لمخافة الفتنة لما أخرجه الترمذي وصححه من حديث علي وفيه:
فقال العباس: لويت عنق ابن عمك، فقال: رأيت شابا وشابة فلم آمن عليهما الفتنة. وقد استنبط منه ابن القطان جواز النظر عند أمن الفتنة حيث لم يأمرها بتغطية وجهها، فلو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل، ولو لم يكن ما فهمه جائزا ما أقره عليه.
وهذا الحديث لا يصلح أيضا للاستدلال به على اختصاص آية الحجاب السابقة بزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأن قصة الفضل في حجة الوداع وآية الحجاب في نكاح زينب في السنة الخامسة من الهجرة كما تقدم. وأما قوله تعالى: * (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) * (سورة النور، الآية: 31) فروى البيهقي عن ابن عباس أن المراد بما ظهر الوجه والكفان.
وروى البيهقي أيضا عن عائشة نحوه، وكذلك روى الطبراني عنها. وروى الطبراني أيضا عن ابن عباس قال: هي الكحل. وروى نحو ذلك عنه البيهقي. وقال في الكشاف:
الزينة ما تزينت به المرأة من حلي أو كحل أو خضاب، فما كان ظاهرا منها كالخاتم والفتخة والكحل والخضاب فلا بأس بإبدائه للأجانب، وما خفي منها كالسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط فلا تبديه إلا لهؤلاء المذكورين، وذكر الزينة دون مواقعها للمبالغة في الامر بالتصون والتستر، لأن هذه الزين واقعة على مواضع من الجسد لا يحل النظر إليها لغير هؤلاء وهي الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر والاذن، فنهى عن إبداء الزين نفسها ليعلم أن النظر إليها إذا لم يحل لملابستها تلك المواقع، بدليل أن النظر إليها غير ملابسة لها لا مقال في حله، كان النظر إلى المواقع أنفسها متمكنا في الحظر ثابت القدم في الحرمة، شاهدا على أن النساء حقهن أن يحتطن في سترها ويتقين الله في