صومها، وظاهر التقييد بالشاهد أنه يجوز لها التطوع إذا كان الزوج غائبا، فلو صامت وقد في أثناء الصيام قيل: فله إفساد صومها ذلك من غير كراهة، وفي معنى الغيبة أن يكون مريضا بحيث لا يستطيع الجماع. وحمل المهلب النهي المذكور على التنزيه فقال:
هو من حسن المعاشرة، ولها أن تفعل من غير الفرائض بغير إذنه لا يضره، وليس له أن يبطل شيئا من طاعة الله إذا دخلت فيه بغير إذنه. قال الحافظ: وهو خلاف ظاهر الحديث.
باب نهي المسافر أن يطرق أهله بقدومه ليلا عن أنس قال: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يطرق أهله ليلا، وكان يأتيهم غدوة أو عشية. وعن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلا. وعن جابر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة فلما قدمنا ذهبنا لندخل فقال: أمهلوا حتى ندخل ليلا أي عشاء لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة متفق عليهن. وعن جابر قال: نهى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يطلب عثراتهم رواه مسلم. قوله: كان لا يطرق قال أهل اللغة: الطروق بالضم المجئ بالليل من سفر أو غيره على غفلة، ويقال لكل آت بالليل طارق، ولا يقال في النهار إلا مجازا. وقال بعض أهل اللغة: أصل الطروق الدفع والضرب، وبذلك سميت الطريق لأن المارة تدفعها بأرجلها، وسمي الآتي بالليل طارقا لأنه محتاج غالبا إلى دق الباب. وقيل: أصل الطروق السكون ومنه أطرق رأسه، فلما كان الليل يسكن فيه سمي الآتي فيه طارقا. قوله: إذا أطال أحدكم الغيبة فيه إشارة إلى أن علة النهي إنما توجد حينئذ، فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فلما كان الذي يخرج لحاجته مثلا نهارا ويرجع ليلا لا يتأتى له ما يحذر من الذي يطيل الغيبة، قيد الشارع النهي عن الطروق بالغيبة الطويلة، والحكمة في النهي عن الطروق أن المسافر ربما وجد أهله مع الطروق وعدم شعورهم بالقدوم على غير أهبة من التنظيف والتزين المطلوب من المرأة، فيكون ذلك سبب النفرة بينهما، وقد أشار إلى هذا في الحديث الذي بعده. وقد أخرج ابن خزيمة