وعن سعد بن أبي وقاص أن أصحاب المزارع في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يكرون مزارعهم بما يكون على السواقي وما سعد بالماء مما حول النبت، فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاختصموا في بعض ذلك بذلك فنهاهم أن يكروا بذلك وقال: اكروا بالذهب والفضة رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وما ورد من النهي المطلق عن المخابرة والمزارعة يحمل على ما فيه مفسدة كما بينته هذه الأحاديث، أو يحمل على اجتنابها ندبا واستحبابا فقد جاء ما يدل على ذلك. فروى عمرو بن دينار قال: قلت لطاوس: لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنها، فقال: إن أعلمهم يعني ابن عباس أخبرني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينه عنها وقال: لأن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليها خراجا معلوما رواه أحمد والبخاري وابن ماجة وأبو داود. وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يحرم المزارعة ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض رواه الترمذي وصححه. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كانت له أرض فليزرعها أو ليحرثها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه أخرجاه. وبالاجماع تجوز الإجارة ولا تجب الإعارة فعلم أنه أراد الندب.
حديث سعد سكت عنه أبو داود والمنذري. قال في الفتح: ورجاله ثقات، إلا أن محمد بن عكرمة المخزومي لم يرو عنه إلا إبراهيم بن سعد. قوله:
وما سعد. بفتح السين وكسر العين المهملتين قيل معناه بما جاء من الماء سيحا لا يحتاج إلى ساقية، وقيل معناه ما جاء من الماء من غير طلب. وقال الأزهري: والسعيد النهر مأخوذ من هذا، وسواعد النهر التي تنصب إليه مأخوذة من هذا، وفي رواية: ما صعد بالصاد بدل السين أي ما ارتفع من النبت بالماء دون ما سفل منه. قوله: بالذهب والفضة فيه رد على طاوس حيث كره إجارة الأرض بالذهب والفضة، كما روى عنه مسلم والنسائي عن طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار، قال: كان طاوس يكره أن يؤاجر أرضه بالذهب والفضة ولا يرى بالثلث والربع بأسا، فقال له مجاهد: اذهب إلى ابن رافع بن خديج فاسمع حديثه عن أبيه، فقال: لو أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنه لم أفعله، ولكن حدثني من هو أعلم منه ابن عباس فذكر الحديث الذي ذكره المصنف. وللنسائي أيضا