فدعا به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فباعه من نعيم كذلك رواه مطر الوراق عن عمر. وقال البيهقي: فقوله: فمات من بقية الشرط، أي فمات من ذلك الحدث، وليس إخبارا عن أن المدبر مات، فحذف من رواية ابن عيينة قوله: إن حدث به حدث فوقع الغلط بسبب ذلك اه. (وقد استدل) بحديث الباب وما في معناه على مشروعية التدبير وذلك مما لا خلاف فيه، وإنما الخلاف هل ينفذ من رأس المال أو من الثلث، فذهب الفريقان من الشافعية والحنفية ومالك والعترة وهو مروي عن علي وعمر أنه ينفذ من الثلث، واستدلوا بما قدمنا من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: وهو حر من الثلث وذهب ابن مسعود والحسن البصري وابن المسيب والنخعي وداود ومسروق إلى أنه ينفذ من رأس المال قياسا على الهبة وسائر الأشياء التي يخرجها الانسان من ماله في حال حياته، واعتذروا عن الحديث الذي احتج به الأولون بما فيه من المقال المتقدم، ولكنه معتضد بالقياس على الوصية، ولا شك أنه بالوصية أشبه منه بالهبة لما بينه وبين الوصية من المشابهة التامة. قوله: ما أخذ فهو له وما بقي فلا شئ لكم استدل به القاضي زيد والهادوية على أن الكتابة لا يبطل بها التدبير، ويعتق العبد عندهم بالأسبق منهما. وقال المنصور بالله: لا تصح الكتابة بعد التدبير لأنها بيع فلا تصح إلا حيث يصح البيع، ورد بأن ذلك تعجيل للعتق مشروط.
باب المكاتب عن عائشة: أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت في كتابتها شيئا فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت، فذكرت بريرة ذلك لأهلها فأبوا وقالوا إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون لنا ولاؤك، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قام فقال: ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله وإن شرطه مائة مرة شرط الله أحق وأوثق متفق عليه. وفي رواية قالت: جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية الحديث متفق عليه.