الوكاء فالمراد به الأول، كذا في الفتح. والوكاء بكسر الواو والمد الخيط الذي يشد به الوعاء التي تكون فيه النفقة، يقال: أوكيته إيكاء فهو موكأ، ومن قال: الوكا بالقصر فهو وهم.
قوله: فلا يكتم أي لا يجوز كتم اللقطة إذا جاء لها صاحبها وذكر من أوصافها ما يغلب الظن بصدقه. قوله: يؤتيه من يشاء استدل به من قال: إن الملتقط يملك اللقطة بعد أن يعرف بها حولا وهو أبو حنيفة لكن بشرط أن يكون فقيرا، وبه قالت الهادوية واستدلوا على اشتراط الفقر بقوله في هذا الحديث: فهو مال الله، قالوا: وما يضاف إلى الله إنما يتملكه من يستحق الصدقة، وذهب الجمهور إلى أنه يجوز له أن يصرفها في نفسه بعد التعريف، سواء كان غنيا أو فقيرا، لاطلاق الأدلة الشاملة للغني والفقير كقوله: فاستمتع بها وفي لفظ: فهي كسبيل مالك. وفي لفظ: فاستنفقها وفي لفظ: فهي لك وأجابوا عن دعوى أن الإضافة تدل على الصرف إلى الفقير بأن ذلك لا دليل عليه، فإن الأشياء كلها تضاف إلى الله، قال الله تعالى: * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) *.
قوله: لا يأوي الضالة الخ، في نسخة: يؤوي وهو مضارع آوى بالمد، والمراد بالضال من ليس بمهتد، لأن حق الضالة أن يعرف بها، فإذا أخذها من دون تعريف كان ضالا، وسيأتي بقية الكلام على هذا في آخر الباب. قوله: اعرف عفاصها ووكاءها الغرض من هذه المعرفة معرفة الآلات التي تحفظ فيها اللقطة، ويلتحق بما ذكر حفظ الجنس والصفة والقدر وهو الكيل فيما يكال، والوزن فيما يوزن، والزرع فيما يزرع، وقد اختلفت الروايات ففي بعضها: معرفة العفاص والوكاء قبل التعريف كما في الرواية المذكورة في الباب. وفي بعضها التعريف مقدم على معرفة ذلك كما في رواية للبخاري بلفظ: عرفها سنة ثم عرف عفاصها قال النووي:
يجمع بين الروايتين بأن يكون مأمورا بالمعرفة في حالتين، فيعرف العلامات وقت الالتقاط حتى يعلم صدق واصفها إذا وصفها، ثم يعرفها مرة أخرى بعد تعريفها سنة إذا أراد أن يتملكها ليعلم قدرها وصفتها إذا جاء صاحبها بعد ذلك فردها إليه. قال الحافظ: ويحتمل أن تكون ثم في الروايتين بمعنى الواو فلا تقتضي ترتيبا فلا تقتضي تخالفا يحتاج إلى الجمع، ويقويه كون المخرج واحدا والقصة واحدة، وإنما يحسن الجمع بما تقدم لو كان المخرج مختلفا أو تعددت القصة، وليس الغرض إلا أن يقع التعرف والتعريف مع قطع النظر عن أيهما يسبق. قال: واختلف العلماء في هذه المعرفة