من طريق عبد الكريم عن مجاهد قال: أخذت بيد طاوس فأدخلته إلى ابن رافع ابن خديج فحدثه عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن كراء الأرض فأبى طاوس وقال: سمعت ابن عباس لا يرى بذلك بأسا وهذه الرواية عن طاوس تدل على أنه كان لا يمنع من كراء الأرض مطلقا، وقد حكى صاحب الفتح عنه أنه يمنع مطلقا كما قدمنا. واستدل بهذا الحديث من جوز كراء الأرض بالذهب والفضة وقد تقدم ذكرهم، وألحقوا بهما غيرهما من الأشياء المعلومة لأنهم رأوا أن محل النهي فيما لم يكن معلوما ولا مضمونا، وفي هذا الحديث أيضا رد على من منع من كراء الأرض مطلقا كما تقدم. قوله: وما ورد من النهي الخ، مثل حديث جابر عند أبي داود بلفظ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من لم يذر المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله وحديث زيد بن ثابت عن أبي داود قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المخابرة وقد تقدم. ومثل حديث جابر أيضا عند مسلم وأبي داود وابن ماجة بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة الحديث. ومثل حديث ثابت بن الضحاك عند مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المزارعة. وحديث رافع عن أبي داود: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن كراء الأرض وأصله في الصحيحين، ونحو هذه الأحاديث الواردة بالنهي على الاطلاق، وقد ذكر المصنف في هذا الباب طرفا منها وأوردنا بعضا من ذلك فيما سلف، وكلام المصنف هذا كلام حسن، ولا بد من المصير إليه للجمع بين الأحاديث المختلفة وهو الذي رجحناه فيما سلف. قوله:
لم ينه عنها هذا لا ينافي رواية من روى النهي عنه صلى الله عليه وآله وسلم، لان المثبت مقدم على النافي، ومن علم حجة على من لم يعلم ولكن قوله: لأن يمنح أحدكم أخاه خير له الخ، يصلح جعله قرينة لصرف النهي عن التحريم إلى الكراهة كما سلف. وقوله: يمنح بفتح التحتية وسكون الميم وفتح النون بعدها حاء مهملة ويجوز كسر النون، والمراد بجعلها منيحة أي عطية وعارية كما تقدم، وهكذا يدل على أن النهي ليس على حقيقته ما في الرواية الثانية عن ابن عباس من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليحرم المزارعة ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض. قوله: فليزرعها أو ليحرثها قد تقدم الكلام على هذا. قوله: فليمسك أرضه قد قدمنا أن بعض