لم يشكل عتقه من النار بالعتق وإلا فالزنا كبيرة لا تكفر إلا بالتوبة. قال: فيحتمل أن يكون المراد أن العتق يرجع عند الموازاة بحيث يكون مرجحا لحسنات المعتق ترجيحا يوازي سيئة الزنا اه. قال الحافظ: ولا اختصاص لذلك بالفرج، بل يأتي في غيره من الأعضاء كاليد في الغصب مثلا. قوله: أيما امرئ مسلم فيه دليل على أن هذا الاجر مختص بمن كان من المعتقين مسلما فلا أجر للكافر في عتقه إلا إذا انتهى أمره إلى الاسلام، فسيأتي قوله: فكاكه بفتح الفاء وكسرها لغة أي كانتا خلاصة.
قوله: يجزى بضم الياء وفتح الزاي غير مهموز. (وأحاديث الباب) فيها دليل على أن العتق من القرب لموجبة للسلامة من النار، وإن عتق الذكر أفضل من عتق الأنثى، وقد ذهب البعض إلى تفضيل عتق الأنثى على الذكر، واستدل على ذلك بأن عتقها يستلزم حرية ولدها سواء تزوجها حر أو عبد، ومجرد هذه المناسبة لا يصلح لمعارضة ما وقع التصريح به في الأحاديث من فكاك المعتق إما رجل أو امرأتين، وأيضا عتق الأنثى ربما أفضى في الغالب إلى ضياعها لعدم قدرتها على التكسب بخلاف الذكر. قال في الفتح: وفي قوله: أعتق الله بكل عضو عضوا منه إشارة إلى أنه ينبغي أن لا يكون في الرقبة نقصان لتحصيل الاستيعاب، وأشار الخطابي إلى أنه يغتفر البعض المجبور بمنفعته كالخصي مثلا، واستنكره النووي وغيره وقال: لا يشك أن في عتق الخصي وكل ناقص فضيلة لكن الكامل أولى.
وعن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: الايمان بالله والجهاد في سبيل الله قال قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا. وعن ميمونة بنت الحرث: أنها أعتقت وليدة لها ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما كان يومها الذي كان يدور عليها فيه قالت: أشعرت يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أني أعتقت وليدتي؟ قال: أو فعلت؟ قالت: نعم، قال: أما أنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لاجرك متفق عليهما، وفي الثاني دليل على جواز تبرع المرأة بدون إذن زوجها، وأن صلة الرحم أفضل من العتق. وعن حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة وعتاق وصلة رحم هل لي فيها من أجر؟ قال: أسلمت على ما سلف لك من خير متفق عليه. وقد احتج به على أن الحربي ينفذ عتقه، ومتى نفذ فله ولاؤه بالخبر.