وقيل: المراد بها الاستصباح منها والاستضاءة بضوئها. وقيل: المراد بها الحجارة التي توري النار إذا كانت في موات الأرض، وإذا كان المراد بها الضوء فلا خلاف أنه لا يختص به صاحبه، وكذلك إذا كان المراد بها الحجارة المذكورة، وإن كان المراد بها الشجر فالخلاف فيه كالخلاف في الحطب وسيأتي. قوله: والكلأ فقد تقدم تفسيره في الباب الذي قبل هذا وهو أعم من الخلا والحشيش، لأن الخلا مختص بالرطب من النبات، والحشيش مختص باليابس، والكلأ يعمهما، قيل: المراد بالكلأ هنا هو الذي يكون في المواضع المباحة كالأودية والجبال والأراضي التي لا مالك لها. وأما ما كان قد أحرز بعد قطعه فلا شركة فيه بالاجماع كما قيل. وأما النابت في الأرض المملوكة والمتحجرة ففيه خلاف، فقيل: مباح مطلقا وإليه ذهبت الهادوية، وقيل: تابع للأرض فيكون حكمه حكمها، وإليه ذهب المؤيد بالله. (واعلم) أن أحاديث الباب تنتهض بمجموعها، فتدل على الاشتراك في الأمور الثلاثة مطلقا، ولا يخرج شئ من ذلك إلا بدليل يخص به عمومها إلا بما هو أعم منها مطلقا، كالأحاديث القاضية بأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه لأنها مع كونها إنما تصلح للاحتجاج بها بعد ثبوت الملك وثبوته في الأمور الثلاثة محل النزاع.
وعن عبادة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى في شرب النخل من السبيل أن الأعلى يشرب قبل الأسفل ويترك الماء إلى الكعبين، ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه، وكذلك حتى تنقضي الحوائط أو يفنى الماء رواه ابن ماجة وعبد الله بن أحمد. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى في سيل مهزور أن يمسك حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل رواه أبو داود وابن ماجة.
حديث عبادة أخرجه أيضا البيهقي والطبراني وفيه انقطاع، وحديث عمرو بن شعيب في إسناده عبد الرحمن بن الحرث المخزومي المدني تكلم فيه الإمام أحمد، وقال الحافظ في الفتح: إن إسناد هذا الحديث حسن ورواه الحاكم في المستدرك من حديث عائشة: أنه قضى صلى الله عليه وآله وسلم في سيل مهزور أن الأعلى يرسل إلى الأسفل ويحبس قدر الكعبين، وأعله الدارقطني بالوقف وصححه الحاكم، ورواه ابن ماجة وأبو داود من حديث ثعلبة بن أبي مالك، ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن أبي