عند البخاري وغيره: أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشاة مسمومة فأكل منها الحديث. والأحاديث المذكورة في الباب تدل على جواز قبول الهدية من الكافر، ويعارضها حديث عياض بن حمار الآتي، وسيأتي الجمع بينها وبينه.
وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: أتتني أمي راغبة في عهد قريش وهي مشركة، فسألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصلها قال: نعم متفق عليه، زاد البخاري، قال ابن عيينة: فأنزل الله فيها: * (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) * (سورة الممتحنة، الآية: 8) ومعنى راغبة أي طامعة تسألني شيئا. وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قال:
قدمت قتيلة ابنة عبد العزى بن سعد على ابنتها أسماء بهدايا ضباب وأقط وسمن وهي مشركة فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله تعالى: * (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) * إلى آخر الآية، فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها.
رواه أحمد.
حديث عامر بن عبد الله بن الزبير ذكره المصنف هكذا مرسلا ولم يقل عن أبيه، وقد أخرجه ابن سعد وأبو داود الطيالسي والحاكم من حديث عبد الله بن الزبير. وأخرجه أيضا الطبراني كأحمد وفي إسنادهما مصعب بن ثابت ضعفه أحمد وغيره ووثقه ابن حبان. قوله: أتتني أمي في رواية للبخاري في الأدب مع ابنها، وذكر الزبير أن اسم ابنها المذكور الحرث بن مدرك بن عبيد بن عمر بن محروم. قوله: راغبة اختلف في تفسيره فقيل: ما ذكره المصنف من أنها راغبة في شئ تأخذه من بنتها وهي على شركها، وقيل: راغبة في الاسلام، وتعقب بأن الرغبة لو كانت في الاسلام لم يحتج إلى الاستئذان. وقيل معناه رغب عن ديني، وقيل: راغبة في القرب مني ومجاورتي، ووقع في رواية لأبي داود راغمة بالميم أي كارهة للاسلام ولم تقدم مهاجرة. قوله: قال: نعم فيه دليل على جواز الهدية للقريب الكافر، والآية المذكورة تدل على جواز الهدية للكافر مطلقا من القريب وغيره، ولا منافاة ما بين ذلك وما بين قوله تعالى: * (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) * (سورة المجادلة، الآية: 22) الآية فإنها عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل، والآية المذكورة خاصة بمن لم يقاتل، وأيضا البر والصلة والاحسان لا تستلزم التحاب