صلى الله عليه وآله وسلم: احتجبا منه، فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟
فقال: أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
وعن عائشة قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا الذي أسأمه فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو متفق عليه. ولأحمد: أن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم عيد قالت: فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت.
حديث أم سلمة أخرجه أيضا النسائي وابن حبان وفي إسناده نبهان مولى أم سلمة شيخ الزهري وقد وثق. وفي الباب عن عائشة عند مالك في الموطأ أنها احتجبت من أعمى فقيل لها: إنه لا ينظر إليك قالت: لكني أنظر إليه. وقد استدل بحديث أم سلمة هذا من قال: إنه يحرم على المرأة نظر الرجل، كما يحرم على الرجل نظر المرأة، وهو أحد قولي الشافعي وأحمد والهادوية. قال النووي: وهو الأصح، ولقوله تعالى: * (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) * (سورة النور، الآية: 31) ولأن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليهن النظر إلى النوع الآخر قياسا على الرجال، ويحققه أن المعنى المحرم للنظر هو خوف الفتنة، وهذا في المرأة أبلغ فإنها أشد شهوة وأقل عقلا، فتسارع إليها الفتنة أكثر من الرجل، واحتج من قال بالجواز فيما عدا ما بين سرته وركبته بحديث عائشة المذكور في الباب، ويجاب عنه بأنها كانت يومئذ غير مكلفة على ما تقضي به العبارة المذكورة في الباب، ويؤيد هذا احتجابها من الأعمى كما تقدم، وقد جزم النووي بأن عائشة كانت صغيرة دون البلوغ أو كان ذلك قبل الحجاب، وتعقبه الحافظ بأن في بعض طرق الحديث أن ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشة وأن قدومهم كان سنة سبع. ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة. واحتجوا أيضا بحديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم وقال: إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده، ويجاب بأنه يمكن ذلك مع غض البصر منها، ولا ملازمة بين الاجتماع في البيت والنظر، واحتجوا أيضا بالحديث الصحيح في مضي رسول الله عليه وآله وسلم إلى النساء في يوم العيد عند الخطبة