نيل الأوطار - الشوكاني - ج ٦ - الصفحة ١١٦
مطلقا بحديث ابن عباس المذكور في الباب، ويرد عليهم الحديث المذكور بعده المقترن بمخصصه. ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور الأحاديث الآتية في الباب الذي بعد هذا المصرحة بأن الولد وما ملك لأبيه، فليس رجوعه في الحقيقة رجوعا، وعلى تقدير كونه رجوعا فربما اقتضته مصلحة التأديب ونحو ذلك. واختلف في الام هل حكمها حكم الأب في الرجوع أم لا؟ فذهب أكثر الفقهاء إلى الأول كما قال صاحب الفتح، واحتجوا بأن لفظ الوالد يشملها. وحكى في البحر عن الاحكام والمؤيد بالله وأبي طالب والامام يحيى أنه لا يجوز لها الرجوع، إذ رجوع الأب مخالف للقياس فلا يقاس عليه، والمالكية فرقوا بين الأب والام فقالوا للام: أن ترجع إذا كان الأب حيا دون ما إذا مات، وقيدوا رجوع الأب بما إذا كان الابن الموهوب له لم يستحدث دينا أو ينكح وبذلك قال إسحاق، والحق أنه يجوز للأب الرجوع في هبته لولده مطلقا، كذلك الام إن صح أن لفظ الوالد يشملها لغة أو شرعا لأنه خاص، وحديث المنع من الرجوع عام فيبنى العام على الخاص. قال في المصباح: الوالد الأب وجمعه بالواو والنون، والوالدة الام وجمعها بالألف والتاء، والوالدان الأب والام للتغليب اه. وحديث سمرة المتقدم بلفظ: إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لن يرجع مخصص بحديث الباب، لأن الرحم على فرض شموله للابن أعم من هذا الحديث مطلقا، وقد قيل: إن الرحم غلب على غير الولد فهو حقيقة عرفية لغوية فيما عداه، فإن صح ذلك فلا تعارض.
باب ما جاء في أخذ الوالد من مال ولده عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم رواه الخمسة. وفي لفظ: ولد الرجل من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم هنيئا رواه أحمد. وعن جابر أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي مالا وولدا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لأبيك رواه ابن ماجة. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا رواه
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست