ظاهر هذا العموم ثبوت الشفعة في جميع الأشياء، وأنه لا فرق بين الحيوان والجماد والمنقول وغيره. وقد ذهب إلى ذلك العترة ومالك وأبو حنيفة وأصحابه، وسيأتي تفصيل الخلاف في ذلك. قوله: فإذا وقعت الحدود أي حصلت قسمة الحدود في المبيع واتضحت بالقسمة مواضعها. قوله: وصرفت بضم الصاد وتخفيف الراء المكسورة، وقيل: بتشديدها أي بينت مصارفها وكأنه من التصريف والتصرف. قال ابن مالك: معناه خلصت وبانت وهو مشتق من الصرف بكسر المهملة وهو الخالص من كل شئ سمي بذلك لأنه صرف عنه الخلط، فعلى هذا صرف مخفف الراء، وعلى الأول أي التصريف والتصرف مشدد. قوله: فلا شفعة استدل به من قال:
إن الشفعة لا تثبت إلا بالخلطة لا بالجوار، وقد حكى في البحر هذا القول عن علي وعمر وعثمان وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز وربيعة ومالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وعبيد الله بن الحسن والامامية، وحكى في البحر أيضا عن العترة وأبي حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى وابن سيرين ثبوت الشفعة بالجوار، وأجابوا عن حديث جابر بما قاله أبو حاتم أن قوله: إذا وقعت الحدود الخ مدرج من قوله، ورد ذلك بأن الأصل أن كل ما ذكر في الحديث فهو منه حتى يثبت الادراج بدليل، وورود ذلك في حديث غيره مشعر بعدم الادراج كما في حديث أبي هريرة المذكور في الباب، واستدل في ضوء النهار على الادراج بعدم إخراج مسلم لتلك الزيادة، ويجاب عنه بأنه قد يقتصر بعض الأئمة على ذكر بعض الحديث والحكم للزيادة لا سيما وقد أخرجها مثل البخاري، على أن معنى هذه الزيادة التي ادعى أهل القول الثاني إدراجها هو معنى قوله: في كل ما لم يقسم، ولا تفاوت إلا بكون دلالة أحدهما على هذا المعنى بالمنطوق والآخر بالمفهوم. (احتج) أهل القول الثاني بالأحاديث الواردة في إثبات الشفعة بالجوار كحديث سمرة والشريد بن سويد وأبي رافع وجابر وستأتي. وأما الأحاديث القاضية بثبوت الشفعة لمطلق الشريك كما في حديث جابر المذكور في قوله في كل شركة وكما في حديث عبادة بن الصامت الآتي فلا تصلح للاحتجاج بها على ثبوت الشفعة المجار، إذ لا شركة بعد القسمة، وقد أجاب أهل القول الأول عن الأحاديث القاضية بثبوت الشفعة المجار بأن المراد بها الجار الأخص وهو الشريك المخالط لأن كل شئ قارب شيئا