منها آخر رواه أحمد ومسلم. قوله: كالضلع بكسر الضاد وفتح اللام ويسكن قليلا والأكثر الفتح وهو واحد الأضلاع، والفائدة في تشبيه المرأة بالضلع التنبيه على أنها معوجة الأخلاق لا تستقيم أبدا، فمن حاول حملها على الأخلاق المستقيمة أفسدها، ومن تركها على ما هي عليه من الاعوجاج انتفع بها، كما أن الضلع المعوج ينكسر عند إرادة جعله مستقيما وإزالة اعوجاجه، فإذا تركه الانسان على ما هو عليه انتفع به، وأراد بقوله: وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه المبالغة في الاعوجاج، والتأكيد لمعنى الكسر بأن تعذر الإقامة في الجهة العليا أمره أظهر. وقيل: يحتمل أن يكون ذلك مثلا لا على المرأة لأن أعلاها رأسها وفيه لسانها وهو الذي ينشأ منه الاعوجاج، قيل:
وأعوج ههنا من باب الصفة لا من باب التفضيل، لأن أفعل التفضيل لا يصاغ من الألوان والعيوب، وأجيب بأن الظاهر ههنا أنه للتفضيل، وقد جاء ذلك على قلة مع عدم الالتباس بالصفة، والضمير في قوله: فإن ذهبت تقيمه يرجع إلى الضلع لا إلى أعلاه وهو يذكر ويؤنث، ولهذا قال في الرواية الأولى: تقيمها، وفي هذه: تقيمه.
قوله: استوصوا بالنساء أي اقبلوا الوصية، والمعنى: أني أوصيكم بهن خيرا فاقبلوا، أو بمعنى: ليوص بعضكم بعضا بهن. قوله: خلقت من ضلع أي من ضلع آدم الذي خلقت منه حواء. قال الفقهاء: إنها خلقت من ضلع آدم، ويدل على ذلك قوله: * (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) * (سورة النساء، الآية: 1) وقد روي ذلك من حديث ابن عباس عند ابن إسحاق. وروي من حديث مجاهد مرسلا عند ابن أبي حاتم.
قوله: لا يفرك بالفاء ساكنة بعدها راء وهو البغض، قال في القاموس: الفرك بالكسر ويفتح البغضة عامة كالفروك والفركان أو خاص ببغضة الزوجين، فركها وفركته كسمع فيهما وكنصر شاذ فركا وفروكا فهي فارك وفروك، ورجل مفرك كمعظم تبغضه النساء، ومفركة ببغضها الرجال انتهى. (والحديث) الأول فيه الارشاد إلى ملاطفة النساء والصبر على ما لا يستقيم من أخلاقهن، والتنبيه على أنهن خلقن على تلك الصفة التي لا يفيد معها التأديب ولا ينجع عندها النصح، فلم يبق إلا الصبر والمحاسنة وترك التأنيب والمخاشنة. (والحديث) الثاني فيه الارشاد إلى حسن العشرة والنهي عن البغض للزوجة بمجرد كراهة خلق من أخلاقها، فإنها لا تخلو مع ذلك عن أمر يرضاه منها، وإذا كانت مشتملة على المحبوب والمكروه