عن العترة جميعا وأكثر الفقهاء أنه حرام. قال الحاكم بعد أن حكى عن الشافعي ما سلف لعل الشافعي كان يقول ذلك في القديم، فأما الجديد فالمشهور أنه حرمه. وقد روى الماوردي في الحاوي وأبو نصر بن الصباغ في الشامل وغيرهما عن الربيع أنه قال كذب والله يعني ابن عبد الحكم، فقد نص الشافعي على تحريمه في ستة كتب، وتعقبه الحافظ في التلخيص فقال: لا معنى لهذا التكذيب فإن ابن عبد الحكم لم يتفرد بذلك، بل قد تابعه عليه عبد الرحمن بن عبد الله أخوه عن الشافعي ثم قال: إنه لا خلاف في ثقة ابن عبد الحكم وأمانته، وقد روي الجواز أيضا عن مالك، قال القاضي أبو الطيب في تعليقه: أنه روى ذلك عنه أهل مصر وأهل المغرب ورواه عنه أيضا ابن رشد في كتاب البيان والتحصيل، وأصحاب مالك العراقيون لم يثبتوا هذه الرواية ، وقد رجع متأخرو أصحابه عن ذلك وأفتوا بتحريمه، وقد استدل للمجوزين بما رواه الدارقطني عن ابن عمر أنه لما قرأ قوله تعالى: * (نساؤكم حرث لكم) * (سورة البقرة، الآية: 223) فقال: ما تدري يا نافع فيما أنزلت هذه الآية؟ قال قلت: لا، قال لي: في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها فأعظم الناس ذلك فأنزل الله تعالى: * (نساؤكم حرث لكم) * قال نافع: فقلت لابن عمر: من دبرها في قبلها؟ قال: لا إلا في دبرها. وروي نحو ذلك عنه الطبراني والحاكم وأبو نعيم. وروى النسائي والطبراني في طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر نحوه ولم يذكر. قوله: لا إلا في دبرها. وأخرج أبو يعلى وابن مردويه في تفسيره الطبري والطحاوي من طرق عن أبي سعيد الخدري: أن رجلا أصاب امرأته في دبرها فأنكر الناس ذلك عليه فأنزل الله: * (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) * وسيأتي بقية الأسباب في نزول الآية.
وعن جابر أن يهود كانت تقول: إذا أتيت المرأة من دبرها ثم حملت كان ولدها أحول، قال: فنزلت: * (نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) * (سورة البقرة، الآية: 223). رواه الجماعة إلا النسائي، وزاد مسلم: إن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد. وعن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى: * (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) * يعني صماما واحدا رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن. وعنها أيضا قالت: لما قدم المهاجرون المدينة على الأنصار تزوجوا من نسائهم، وكان المهاجرون يجبون وكانت الأنصار لا تجبي،