لا قيمة المعتقة. ومنها: أنه جعل نفس العتق مهرا ولكنه من خصائصه، ويجاب عنه بأن دعوى الاختصاص تفتقر إلى دليل. ومنها أن معنى قوله أعتقها وتزوجها أنه أعتقها ثم تزوجها ولم يعلم أنه ساق لها صداقا فقال: أصدقها نفسها أي لم يصدقها شيئا فيما أعلم، ولم ينف نفس الصداق، ويجاب بأنه يبعد أن يأتي الصحابي الجليل بمثل هذه العبارة في مقام التبليغ ويكون مريدا لما ذكرتم، فإن هذا لو صح لكان من باب الألغاز و التعمية، وقد أيدوا هذا التأويل البعيد بما أخرجه البيهقي من حديث أميمة بنت زريبة عن أمها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعتق صفية وخطبها وتزوجها وأمهرها رزينة، وكان أتى بها سبية من بني قريظة والنضير. قال الحافظ: وهذا لا يقوم به حجة لضعف إسناده.
ويعارضه ما أخرجه الطبراني وأبو الشيخ من حديث صفية نفسها قالت: أعتقني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجعل عتقي صداقي قال الحافظ: وهذا موافق لحديث أنس وفيه رد على من قال: إن أنسا قال ذلك بناء على ما ظنه. ومنها: أنه يحتمل أن يكون أعتقها بشرط أن ينكحها بغير مهر فلزمها الوفاء بذلك، ويكون خاصا به صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يخفى أن هذا تعسف لا ملجئ إليه. ومنها:
ما قاله ابن الصلاح من أن العتق حل محل المهر وليس بمهر، قال: وهذا كقولهم:
الجوع زاد من لا زاد له وجعل هذا أقرب الوجوه إلى لفظ الحديث، وتبعه النووي والحامل لمن خالف الحديث على هذه التأويل ظن مخالفته للقياس قالوا:
لأن العقد إما أن يقع قبل عتقها وهو محال لتناقض حكم الحرية والرق، أو بعده وذلك غير لازم لها، وأجيب بأن العقد يكون بعد العتق، فإذا وقع منها الامتناع لزمتها السعاية بقيمتها ولا محذور في ذلك، وبالجملة فالدليل قد ورد بهذا، ومجرد الاستبعاد لا يصلح لابطال ما صح من الأدلة والأقيسة مطرحة في مقابلة النصوص الصحيحة فليس بيد المانع برهان. ويؤيد الجواز ما أخرجه الطحاوي عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل عتق جويرية بنت الحرث المصطلقية صداقها وأخرج نحوه أبو داود من طريق عائشة، وقد نسب القول بالجواز ابن القيم في الهدى إلى علي بن أبي طالب وأنس بن مالك والحسن البصري وأبي سلمة قال: وهو الصحيح الموافق للسنة وأقوال الصحابة والقياس، وأطال البحث في المقام بما لا مزيد عليه فليراجع.