أنها لا ترد النساء إلا بأربعة عيوب: الجنون والجذام والبرص والداء في الفرج، وخالف الناصر في البرص فلم يجعله عيبا يرد به النكاح، والرجل يشارك المرأة في الجنون والجذام والبرص، وتفسخه المرأة بالجب والعنة. وذهب بعض الشافعية إلى أن المرأة ترد بكل عيب ترد به الجارية في البيع، ورجحه ابن القيم، واحتج له في الهدى بالقياس على البيع، وقال الزهري: يفسخ النكاح بكل داء عضال. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وهو قول للشافعي: أن الزوج لا يرد الزوجة بشئ لأن الطلاق بيده، والزوجة لا ترده بشئ إلا الجب والعنة، وزاد محمد الجذام والبرص، وزاد ت الهادوية على ما سلف الرق وعدم الكفاءة في الرجل أو المرأة، والرتق والعقل والقرن في المرأة، والجب والخصاء والسل في الرجل والكلام مبسوط على العيوب التي يثبت بها الرد والمقدار المعتبر منها وتعدادها في الكتب الفقهية.
ومن أمعن النظر لم يجد في الباب ما يصلح للاستدلال به على الفسخ بالمعنى المذكور عند الفقهاء. أما حديث كعب فلما أسلفنا من كونه غير صريح في محل النزاع لذلك الاحتمال.
وأما أثر عمر فلما تقرر من أن قول الصحابي ليس بحجة، نعم حديث بريرة الذي سلف دليل على ثبوت الفسخ للرق إذا عتق، وأما غير ذلك فيحتاج إلى دليل.
قوله: وصداق الرجل على من غره قد ذهب إلى هذا مالك وأصحاب الشافعي والهادوية فقالوا: إنه يرجع الزوج بالمهر على من غرر عليه بمن أوهمه أن المرأة لا عيب فيها، فانكشف أنها معيبة بأحد تلك العيوب، لكن بشرط أن يعلم بذلك العيب لا إذا جهل. وذهب أبو حنيفة والشافعي أنه لا رجوع للزوج على أحد لأنه قد لزمه المهر بالمسيس. وقال المؤيد بالله وأبو طالب: أنه يرجع الزوج بالمهر على المرأة.
ولا يخفى أن قول عمر لا يصلح للاحتجاج به وتضمين الغير بلا دليل لا يحل، فإن كان الفسخ بعد الوطئ فقد استوفى الزوج ما في مقابلة المهر فلا يرجع به على أحد، وإن كان قبل الوطئ فالرجوع على المرأة أولى، لأنه لم يستوف منها في مقابلة المهر ولا سيما على أصل الهادوية، لأن الفسخ بعيب من جهة الزوجة، ولا شئ لها عندهم فيما كان كذلك.