السلماني قال: سمعت عليا يقول: اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن ثم رأيت بعد أن يبعن، قال عبيدة: فقلت له: فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة وهذا الاسناد معدود في أصح الأسانيد، ورواه البيهقي من طريق أيوب. وأخرج نحوه ابن أبي شيبة وروى ابن قدامة في الكافي أن عليا لم يرجع رجوعا صريحا إنما قال لعبيدة وشريح: اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الخلاف وهذا واضح في أنه لم يرجع عن اجتهاده، وإنما أذن لهم أن يقضوا باجتهادهم الموافق لرأي من تقدم. قال ابن قدامة أيضا: وقد روى صالح عن أحمد أنه قال: أكره بيعهن وقد باع علي بن أبي طالب. قال أبو الخطاب:
فظاهر هذا أنه يصح مع الكراهة. وروى البيهقي من طرق منها عن الثوري عن عبد الله بن دينار قال: جاء رجلان إلى ابن عمر فقال: من أين أقبلتما؟ قالا: من قبل ابن الزبير. فأحل لنا أشياء كانت تحرم علينا، قال: ما أحل لكم؟ قالا: أحل لنا بيع أمهات الأولاد، قال: أتعرفان أبا حفص عمر؟ فإنه نهى أن تباع أو تورث يستمتع بها ما كان حيا، فإذا مات فهي حرة. ومن القائلين بجواز البيع الناصر والباقر والصادق والامامية وبشر المريسي ومحمد بن المطهر وولده والمزني وداود الظاهري وقتادة، ولكنه إنما يجوز عند الباقر والصادق والامامية بشرط أن يكون بيعها في حياة سيدها، فإن مات ولها منه ولد باق عتقت عندهم، وقد قيل: إن هذا مجمع عليه. وقد روي في جامع آل محمد عن القاسم بن إبراهيم أن من أدرك من أهله لم يكونوا يثبتون رواية بيع أمهات الأولاد، وقد ادعى بعض المتأخرين الاجماع على تحريم بيع أم الولد مطلقا، وهو مجازفة ظاهرة. وادعى بعض أهل العلم أن تحريم بيعهن قطعي وهو فاسد، لأن القطع بالتحريم إن كان لأجل الأدلة القاضية بالتحريم ففيها ما عرفت من المقال السالف، وإن كان لأجل الاجماع المدعي ففيه ما عرفت، وكيف يصح الاحتجاج بمثل ذلك والخلاف ما زال منذ أيام الصحابة إلى الآن؟ وقد تمسك القائلون بالجواز بحديثي جابر المذكورين وحديث سلامة، وقد عرفت أن حديثي جابر ليس فيهما ما يدل على اطلاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على البيع وتقريره كما تقدم عن البيهقي. وأيضا قوله: فلا نرى بذلك بأسا الرواية فيه بالنون التي للجماعة، ولو كانت بالياء التحتية لكان فيه دلالة على التقرير. وأما حديث