لا تغرنكم آية النور فالمراد بها الإماء. قال في البحر: وخصهن بالذكر لتوهم مخالفتهن للحرائر في قوله تعالى: * (أو نسائهن) * (سورة النور، الآية: 31) اه. وهو تمسك بحديث عمرو بن شعيب جمهور أهل العلم من الصحابة وغيرهم فقالوا: حكم المكاتب قبل تسليم جميع مال الكتابة حكم العبد في جميع الأحكام من الإرث والأرش والدية والحد وغير ذلك، وتمسك من قال بأنه يعتق من المكاتب بقدر ما أدى من مال الكتابة، وتتبعض الاحكام التي يمكن تبعضها في حقه بحديث ابن عباس وحديث علي المذكورين، وقد قدمنا في باب ميراث المعتق بعضه من كتاب الفرائض أقوالا في المكاتب الذي قد أدى بعض مال كتابته. قوله: يؤدي المكاتب بضم أوله وفتح الدال المهملة مبنيا للمجهول، أي يؤدي الجاني عليه من ديته أو أرشه لما كان منه حرا بحساب دية الحر وأرشه، ولما كان منه عبدا بحساب دية العبد وأرشه.
وعن موسى بن أنس: أن سيرين سأل أنس بن مالك المكاتبة وكان كثير المال فأبى، فانطلق إلى عمر فقال كاتبه فأبى فضربه عمر بالدرة وتلا عمر:
* (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) * (سورة النور، الآية: 33) أخرجه البخاري. وعن أبي سعيد المقبري قال: اشترتني امرأة من بني ليث بسوق ذي المجاز بسبعمائة درهم ثم قدمت فكاتبتني على أربعين ألف درهم فأذهبت إليها عامة المال ثم حملت ما بقي إليها فقلت: هذا مالك فاقبضيه، فقالت: لا والله حتى آخذه منك شهرا بشهر وسنة بسنة، فخرجت به إلى عمر بن الخطاب فذكرت ذلك له فقال عمر: ارفعه إلى بيت المال، ثم بعث إليها:
هذا مالك في بيت المال وقد عتق أبو سعيد فإن شئت فخذي شهرا بشهر وسنة بسنة، قال: فأرسلت فأخذته رواه الدارقطني.
حديث أبي سعيد المقبري هو من رواية ابنه سعيد بن أبي سعيد، وأخرجه أيضا البيهقي وأورده صاحب التلخيص وسكت عنه. قوله: أن سيرين هو والد محمد بن سيرين الفقيه المشهور وكنيته أبو عمرة وكان من سبي عين التمر، اشتراه أنس في خلافة أبي بكر وروى عن عمر وغيره، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وموسى بن أنس الراوي عنه لم يدرك وقت سؤال سيرين الكتابة من أنس.
وقد رواه عبد الرزاق والطبراني من وجه آخر متصل من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال: أرادني سيرين على المكاتبة فأبيت، فأتى عمر بن