بحديث قتادة لكثرة ملازمته له وكثرة أخذه عنه، وإن كان همام وهشام أحفظ منه، لكنه لم يناف ما روياه وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه، وليس المجلس متحدا حتى يتوقف في زيادة سعيد، ولهذا صحح صاحبا الصحيحين كون الجميع مرفوعا.
قال في الفتح: وأما ما أعل به حديث سعيد من كونه اختلط أو تفرد به فمردود، لأنه في الصحيحين وغيرهما من رواية من سمع منه قبل الاختلاط كيزيد بن زريع، ووافقه عليه أربعة وآخرون معهم لا نطيل بذكرهم، وهمام هو الذي انفرد بالتفضيل، وهو الذي خالف الجميع في القدر والمتفق على رفعه، فإنه جعله واقعة عين، وهم جعلوه حكما عاما، فدل على أنه لم يضبط كما ينبغي. والعجب ممن طعن في رفع الاستسعاء بكون همام جعله من قول قتادة ولم يطعن فيما يدل على ترك الاستسعاء وهو قوله في حديث ابن عمر: وإلا فقد عتق منه ما عتق بكون أيوب جعله من قول نافع وميزه كما صنع همام سواء فلم يجعلوه مدرجا كما جعلوا حديث همام مدرجا، مع كون يحيى بن سعيد وافق أيوب في ذلك وهمام لم يوافقه أحد، وقد جزم بكون حديث نافع مدرجا محمد بن وضاح وآخرون، والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعان وفاقا لصاحبي الصحيح. قال ابن المواق: والانصاف أن لا يوهم الجماعة بقول واحد مع احتمال أن يكون سمع قتادة يفتي به، فليس بين تحديثه به مرة وفتياه أخرى منافاة. ويؤيده أن البيهقي أخرج عن قتادة أنه أفتى به ومما يؤيد الرفع في حديث ابن عمر. أعني قوله: وإلا فقد عتق عليه ما عتق أن الذي رفعه مالك وهو أحفظ لحديث نافع من أيوب، وقد تابعه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب كما قال البيهقي، ولا شك أن الرفع زيادة معتبرة لا يليق إهمالها كما تقرر في الأصول وعلم الاصطلاح، وما ذهب إليه بعض أهل الحديث من الاعلال لطريق الرفع بالوقف في طريق أخرى لا ينبغي التعويل عليه وليس له مستند، ولا سيما بعد الاجماع على قبول الزيادة التي لم تقع منافية مع تعدد مجالس السماع، فالواجب قبول الزيادتين المذكورتين في حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة وظاهرهما التعارض والجمع ممكن لا كما قال الإسماعيلي، وقد جمع البيهقي بين الحديثين بأن معناهما أن المعسر إذا أعتق حصته لم يسر العتق في حصة شريكه، بل تبقى حصة شريكه على حالها وهي الرق، ثم يستسعي العبد في عتق بقيته فيحصل ثمن الجزء الذي لشريك سيده