صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر أن يصلي في الناس قال في آخره: مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يوص. قالوا: ولو كانت الوصية واجبة لما تركها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأجيب بأن المراد بنفي الوصية منه صلى الله عليه وآله وسلم ففي الوصية بالخلافة لا مطلقا، بدليل أنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم الوصية بعدة أمور كأمره صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه لعائشة بإنفاق الذهبية كما ثبت من حديثها عند أحمد وابن سعد وابن خزيمة. وفي المغازي لابن إسحاق عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: لم يوص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند موته إلا بثلاث لكل من الداريين والرهاويين والأشعريين بجاد مائة وسق من خيبر، وأن لا يترك في جزيرة العرب دينان، وأن ينفذ بعث أسامة. وفي صحيح مسلم عن ابن عباس: وأوصى بثلاث أن يجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. الحديث. وأخرج أحمد والنسائي وابن سعد عن أنس: كانت غاية وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين حضره الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم. وله شاهد من حديث علي عند أبي داود وابن ماجة. ومن حديث أم سلمة عند النسائي بسند جيد، والأحاديث في هذا الباب كثيرة أورد منها صاحب الفتح في كتاب الوصايا شطرا صالحا وقد جمعت في ذلك رسالة مستقلة. واستدلوا أيضا على توجيه نفي من نفي الوصية مطلقا إلى الخلافة بما في البخاري عن عمر: قال: مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولن يستخلف. وبما أخرجه البيهقي عن علي: أنه لما ظهر يوم الجمل قال: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يعهد إلينا في هذه الامارة شيئا الحديث. قال القرطبي: كانت الشيعة قد وضعوا أحاديث في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بالخلافة لعلي، فرد ذلك جماعة من الصحابة وكذا من بعدهم، فمن ذلك ما استدلت به عائشة يعني الحديث المتقدم. ومن ذلك أن عليا لم يدع ذلك لنفسه ولا بعد أن ولي الخلافة، ولا ذكره لأحد من الصحابة يوم السقيفة، وهؤلاء ينتقصون عليا من حيث قصدوا تعظيمه لأنهم نسبوه مع شجاعته العظمى وصلابته إلى المداهنة والتقييد والاعراض عن طلب حقه مع قدرته على ذلك اه. ولا يخفى أن نفي عائشة للوصية حال الموت لا يستلزم نفيها في جميع الأوقات، فإذا أقام البرهان الصحيح من يدعي الوصاية في شئ معين قبل. قوله: مكتوبة عند رأسه استدل بهذا على
(١٤٥)