عن العباس بن عبد الله أن عمر وكلاهما لم يولد إلا بعد موت عمر رضي الله عنه بدهر طويل، وأيضا فقد صح عن ابن عباس خلافه إذا صح الخلاف عن الصحابة رضي الله عنهم فليس قول بعضهم أولى من قول بعض فالواجب حينئذ الرجوع إلى ما أمر الله تعالى به عند التنازع إذ يقول تعالى: (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) فكل قول عرى من الأدلة فهو باطل بيقين قال الله تعالى: (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) ثم نظرنا في قول من لم ير على المعفو عنه بالدية أو المفاداة أو العفو المطلق جلدا ولا نفيا فوجدناهم يقولون: قال الله تعالى: (فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) فأوجب الله تعالى نصا لاخفاء به أن من قتل عمدا فوجب عليه القصاص في القتل ثم عفى عنه على مال فواجب على الولي العافي أن يتبع القاتل المعفو عنه بالمعروف وأوجب الله تعالى على القاتل المعفو عنه أن يؤدى ما عفا عنه عليه باحسان وليس من المعروف والاحسان الضرب بالسياط والنفي عن الأوطان سنة، ووجدنا هم أيضا يذكرون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان دماءكم وأموالكم واعراضكم وأبشاركم عليكم حرام " فصح أن بشرة القاتل محرمة بتحريم الله تعالى فلا يحل جلده ولا نفيه إذ لم يوجب ذلك قرآن ولا سنة ولا اجماع ولا دليل من الأدلة أصلا، وذكروا ما حدثناه عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا محمد بن حاتم نا سعيد بن سليمان نا هشيم نا إسماعيل بن سالم عن علقمة بن وائل بن حجر عن أبيه قال: " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قد قتل رجلا فاقاد ولى المقتول منه فانطلق به وفى عنقه نسعة يجرها فلما أدبر الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القاتل والمقتول في النار " فاتى رجل إلى الرجل فقال له مقالة النبي صلى الله عليه وسلم فخلى عنه قال إسماعيل بن سالم:
فذكرت ذلك لحبيب بن أبي ثابت فقال: حدثني بن أشوع ان النبي صلى الله عليه وسلم إنما سأله أن يعفو عنه فأبى * نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أنا محمد بن بشار نا يحيى بن سعيد القطان عن عوف بن أبي جميلة (1) وجامع بن مطر الحبطى (2) قال عوف: حدثني حمزة العائذي أبو عمر ثم اتفق جامع. وحمزة كلاهما عن علقمة بن وائل بن حجر عن وائل قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم حين جئ بالقاتل يقوده ولى المقتول في نسعته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولى المقتول: " أتعفو عنه؟ قال: لا قال له أتأخذ الدية؟ قال: لا قال: فتقتله؟ قال نعم: قال اذهب به فلما تولى من عنده دعاه