والأخرى: رواية عبد الصمد بن بشير (1) قال: " سأله محمد بن القاسم الحناط فقال: أصلحك الله، أبيع الطعام من الرجل إلى أجل فأجئ وقد تغير الطعام عن سعره فيقول: ليس عندي دراهم قال: خذ منه بسعر يومه. قال: افهم أصلحك الله أنه طعامي الذي اشتراه مني، قال: لا تأخذ منه حتى يبيعه ويعطيك. قال: أرغم الله أنفي رخص لي فرددت عليه فشدد علي ".
وقد تعرض الشيخ (قدس سره) للأولى، فنفى دلالتها على مذهب الشيخ (رحمه الله) وعلى تقدير الدلالة، فتعليل المنع بأنه لا خير فيه من أمارات الكراهة.
ولكنه سكت عن مناقشته الأولى والحال أنه لم يلتزم بمذهب الشيخ، فما هو السر في اعراضه عنها مع أن دلالتها على المنع عن بيع طعامه بعد حلول الأجل بنقصان قد لا تنكر.
وقد حملت على إرادة المنع عن استيفاء الدين بغير الجنس فيما إذا أخذ طعاما بسعر يومه. أو المنع عن التقايل فيما إذا أخذ نفس ما باعه بسعر يومه لعدم صحة التقايل بالزيادة والنقيصة.
والحمل الثاني خلاف الظاهر. وكذلك الأول، فإنه لو اقتصر على لفظ الأخذ لأمكن تأتي هذا الاحتمال، لكن قوله (عليه السلام): " لا تأخذ منه حتى يبيعه ويعطيك " ظاهر في عدم صحة بيعه له وأن السؤال عن شرائه منه، وإلا فلو جاز الشراء منه لما كان وجه لتحديد الغاية ببيعه من غيره.
فالعمدة في الاشكال في دلالة هذه الرواية هو: إن موردها وإن كان نقصان الطعام عن سعره إلا أنه لم يظهر منها كون النهي عن البيع منصبا على البيع بنقصان، بل الظاهر كون المنهي عنه مطلق البيع من جهة أنه نفس الطعام الذي اشتراه.
وإلا لنبه على جواز الشراء منه بزيادة عن سعر اليوم بنحو تساوي الثمن، فجهة المنع لوحظ فيها كونه نفس الطعام الذي اشتراه.