والصحيح ما أفاده الشيخ (قدس سره)، فإن المفروض أن الحق الثابت للمورث حق واحد شخصي في المجموع فيمتنع أن يتجزأ هذا الحق ويتعدد بتعدد الحصص، مضافا إلى منافاته لظاهر الأدلة الظاهرة في انتقال ذلك الحق إلى الورثة كلهم.
وأما الوجه الرابع: فيدفعه قصور مقام الاثبات عن اثباته، كما أشار إليه الشيخ (قدس سره)، لأن موضوع الأدلة الأعم من المال والحق، وقد عرفت أن المال لا ينتقل إلى طبيعي الوارث بل ينتقل إلى المجموع ويكون المجموع مالكا له بنحو الشركة، ومثل ذلك يقال في الحق، فيكون حق واحد ثابتا للمجموع بنحو الاشتراك.
فالمتعين هو الالتزام بالوجه الثالث تبعا للشيخ (قدس سره)، فإنه الذي يساعد عليه مقام الثبوت والاثبات. والله سبحانه العالم.
ثم إنه قد يرد على ما اخترناه - تبعا للشيخ (قدس سره) - من امتناع انتقال الحق الواحد إلى كل فرد من الورثة على حدة وامتناع تقسيمه بلحاظ الحصص..
يرد النقض بموارد ثبت فيها الحق لكل واحد من الورثة بنحو الاستقلال، كحق الشفعة الثابت للمورث فإنه يثبت لكل واحد من الورثة بنحو الاستقلال، فلو عفى أحد الورثة عن الشفعة كان للآخر الأخذ بكل المبيع. ومثله حق القصاص إذا مات من له الحق، فإنه ينتقل إلى ورثته.
ولا يخفى أنه في مثل حق القصاص يمكن القول بأن ثبوته لكل واحد من الورثة من باب أنه ولي الدم لا من باب الميراث. ولا مانع من تعدد الحق إذا تعدد موضوعه، كما لو كان ورثة المقتول مباشرة متعددين، فإنه يثبت لكل منهم الحق في القصاص مع أنه خارج عن الميراث بل الحق يثبت لهم رأسا لا إلى مورثهم وهو المقتول.
لكن هذا لا يمكن أن يقال في حق الشفعة، فإن كلا من الوارثين وإن كان شريكا إلا أن شركته حادثة بعد العقد وهي لا تكون سببا للشفعة.
وقد تفصى الشيخ (قدس سره) (1) عن هذا النقض: بأنه لو سقطت الشفعة بعفو أحد الشريكين لزم تضرر الآخر بالشركة.