ومن هنا يظهر ملازمة العيب للنقص من حيث المالية وأن ما لا يوجب فوته النقص المالي لا يعد عيبا، إذ مالية الشئ عرفا يتبع ما يترتب عليه من الآثار المترقبة منه الملحوظة فيه، فإذا لم يكن فوات شئ موجبا للنقص المالي كشف ذلك عن عدم كون ذلك الفائت مما له دخل في ترتب الآثار المترقبة من الشئ، فلا يكون فواته موجبا لعدم التمامية.
وما ذكرناه هو المتجه في معنى العيب والصحة وإليه يرجع ما حكاه الشيخ (قدس سره) في أواخر كلماته عن العلامة (رحمه الله) من أنه نقص في العين أو زيادة فيها تقتضي النقيصة المالية في عادات التجار.
وقد يتخيل منافاة ما اخترناه في تعريف العيب لما ورد في رواية السياري (1) الحاكية لقصة ابن أبي ليلى حيث قدم إليه رجل خصما له فقال له أن هذا باعني هذه الجارية فلم أجد على ركبها حين كشفها شعرا وزعمت أنه لم يكن لها قط فقال ابن أبي ليلى: إن الناس ليحتالون بهذا بالحيل حتى يذهبوه فما الذي كرهت فقال له أيها القاضي إن كان عيبا فاقضي لي به قال فاصبر حتى أخرج إليك فإني أجد أذى في بطني، ثم دخل بيته وخرج من باب آخر فأتى محمد بن مسلم الثقفي فقال أي شئ تروون عن أبي جعفر في المرأة لا تكون على ركبها شعرا يكون هذا عيبا؟ فقال له محمد بن مسلم أما هذا نصا فلا أعرفه ولكن حدثني أبو جعفر عن أبيه عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب فقال له ابن أبي ليلى: حسبك هذا فرجع إلى القوم فقضى لهم بالعيب ".
وجهة التنافي أمران: أحدهما: ما ورد في تحديد العيب من الكبرى الكلية وإناطته بالزيادة والنقص بلحاظ أصل الخلقة، فلا ربط له بالتمامية من حيث الآثار المرغوبة.
والآخر: تطبيق الكبرى على مورد النزاع، مع أن زوال الشعر مما يزيد في رغبة