العقلاء ولذا قال له ابن أبي ليلى أن الناس ليحتالون بهذا بالحيل حتى يذهبوه.
ولكن كلا الوجهين مندفعان - مع غض النظر عن ضعف سند الرواية -..
أما الأول: فلأنه من المعلوم جزما بأنه ليس في مقام بيان حقيقة شرعية لمفهوم العيب، وإنما هو لبيان تحديد العيب عرفا. ومن المعلوم أنه ليس العيب عرفا بهذا المفهوم على سعته، إذ حلق شعر الرأس لا يعد عيبا جزما مع أنه نقص عن الخلقة الأصلية. فلا بد أن تقيد الكبرى الكلية بقيد ونقول إنه مقيد بما إذا كانت الزيادة أو النقيصة مستلزمتين لاختلال الآثار المترقبة عرفا.
هذا، مع امكان دعوى أن هذه الكلية إنما هي بلحاظ الغالب من استلزام النقص والزيادة للنقص من حيث الآثار المرغوبة، فلا دلالة لها على العموم.
وأما الثاني: فبما ذكره الشيخ (قدس سره) من أن ما يرغب فيه العقلاء هو زوال الشعر، لا عدم نباته أصلا، لأن الثاني قد يكشف - ولو تخيلا - عن مرض في العضو أو المزاج العام يؤدي إلى ذلك، كالقرع في الرأس، وهذا مما يوجب التنفر عرفا. فتدبر.
ثم إنه لا يخفى عليك أن فوات بعض المنافع لا يعد عيبا إذا ترتبت على الشئ منافع أخرى بدل الفائتة، فإن الشئ الواحد قد تكون له منافع متضادة لا يمكن ترتبها جميعا، فقد يكون فوات بعضها مستلزما لترتب الأخرى مما قد يوجب زيادة ماليته، ففي ذلك لا يكون فوات المنفعة عيبا لثبوت الانتفاع البديل له.
ومن ذلك يظهر أن الخصاء في العبيد لا يعد عيبا، لأنه وإن فاتت به بعض المنافع المترتبة على كمال الرجولية ولو كانت منافع اعتبارية، إلا أنه تترتب على الخصاء منافع عقلائية ملحوظة لدى العقلاء غير مترتبة على غير الخصي، كزيادة قوته والأمان منه في مراودة النساء وهي منفعة مهمة يهتم بها العقلاء.
ودعوى: إن هذه المنفعة ليست غالبية، بل هي يلحظها بعض الأشخاص ممن يعتاد عبيدهم الدخول على نسائهم كالأمراء. مع أن هذه المنفعة فاسدة لأنها محرمة فلا تصحح المالية شرعا.