ولا إشكال في دلالتها على مطهريته بمجرد الإصابة من غير لزوم خروج الغسالة أو شرط آخر فيما يعتبر في الغسل بالماء القليل، ولازمه عدم انفعاله، إذ لو انفعل لما يمكن التطهير به مع بقاء الغسالة، فتدل على الحكمين.
ثم إن قوله: " أمر في الطريق " الخ في صدرها سؤال عن مورد يظن بكون ما سال من الميزاب نجسا، فإن المراد بتوضي الناس إما استنجاؤهم أو الوضوء لكنهم كانوا يتوضؤون في محل يبولون فيه ويستنجون، فأجابه بما أجاب، ثم سأل عن سيلان المطر مع فرض العلم بملاقاته للنجاسة برؤية آثارها فيه، ورؤية تغيير فيه، وهذا التعبير لا يدل على كون ماء المطر متغيرا، ولو فرض أن المراد التغيير بالنجاسة فإن الظاهر من رؤية التغيير فيه أن فيه آثار القذارة بأن يكون بعض الماء الذي يسيل متغيرا، فقوله: " وأرى فيه آثار القذر " على هذا يكون بيانا للجملة المتقدمة.
وبالجملة الظاهر منه عدم تغير جميع الماء، بل رأى تغيرا وآثارا من القذارة فيه، فأجاب بأنه لا بأس به، وعلله بأن كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر.
لا يقال: التعليل لا يناسب هذا الحكم، لأن المناسب أن يقول:
ماء المطر لا ينفعل، لا أنه مطهر لما يراه، لعدم التنافي بين مطهريته وتنجسه به كغسالة ماء القليل، فإنه يقال: يحتمل أن يكون المراد تطبيق الكبرى على الماء الذي يسيل ويرى فيه آثار القذر، فأفاد أن هذا الماء الذي يسيل حال تقاطر المطر يطهر ما أصابه فكيف يتنجس به، بل كيف يمكن انفعاله، فإن الماء المتنجس لا يكون مطهرا، فأفاد المراد بلازمه بنحو بليغ.