ويحتمل أن يكون المراد تطبيقها على الماء حال وصوله إلى المحل القذر قبل جريانه، بأن يقال: إن ماء المطر ليس كسائر المياه القليلة لأنه بمجرد الإصابة مطهر، وما من شأنه ذلك لا بد وأن لا ينفعل بملاقاة النجس ولو بمثل الأعيان النجسة، لعدم الفرق في التنجس بينها وبين ما تنجس بها، تأمل.
وكيف كان لا إشكال في إفادتها الحكمين المتقدمين.
وتدل عليهما أيضا مرسلة محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن عليه السلام " في طين المطر أنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا إن يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر، فإن أصابه بعد ثلاثة أيام فاغسله، وإن كان الطريق نظيفا فلا تغسله " (1) ومقتضى اطلاقها أن طينه طاهر ولو نجسه شئ قبل المطر، سيما مع تعقبه بقوله عليه السلام: " إلا أن يعلم " الخ المتفاهم منه أن العلم بنجاسته قبل المطر لا يوجب التحرز، ولعل الأمر بالغسل بعد ثلاثة أيام للاستحباب، وعلى أي تقدير يظهر منها طهارة المتنجس، ولازمها عدم انفعال ماء المطر، لعدم خروج الغسالة واختلاط المطر بالطين.
وتدل على الحكم الأول من الحكمين المتقدمين جملة من الروايات:
كصحيحة هشام بن سالم " أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن السطح يبال عليه فتصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب، فقال: لا بأس به، ما أصابه من الماء أكثر منه " (2).
وصحيحة هشام بن الحكم عنه عليه السلام " في ميزابين سالا، أحدهما بول والآخر ماء المطر فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضره