نعم لا يبعد اعتباره ذلك بحد جري من الميزاب، لكن الأقرب أنه اشترط أصل الجريان على تأمل فيه أيضا ناشئ من أن كتاب التهذيب لم يعمل للفتيا، بل عمل لتأويل الروايات المختلفة، وتوجيهها لحفظ القلوب الضعيفة التي ثقل عليها الاختلاف فيها، كما يظهر من أوله، ولم يحضرني كتاب المبسوط.
وكيف كان فالمشهور على ما حكي عدم اعتبار الجريان شهرة عظيمة بل عن الروض أنه جعل المخالف الشيخ، وعن المصابيح بعد نسبته إلى فتوى الأصحاب " أنه لم يثبت مخالف ناص " وهو كذلك بالنسبة إلى الشيخ في تهذيبه، على ما تقدم، لكن ظاهر ابن حمزة اعتباره بنحو ما تقدم، ومستند أصل الجريان صحيحة علي بن جعفر المتقدمة، فتقيد بها المطلقات.
ولا يخفى ما فيه، فإن الظاهر من قوله: " البيت يبال على ظهره " إن ظهره معد لذلك، والظاهر أنه كان متعارفا في تلك الأمكنة والأزمنة، كما يظهر من سائر الروايات، فحينئذ يكون اشتراط الجريان لخصوصية المورد، لعدم غلبة المطر على النجاسة بلا جريان في مثله مما يكون مبالا، كما أن السؤال عن الاغتسال من الجنابة يؤيده، فيكون اعتبار الجريان للغلبة على النجاسة.
ويحتمل أن يكون المراد من الأخذ من مائه أخذ ما جرى خارج المحل، فإنه إذا كان الماء فيه وكان معدا للبول لم يذهب بالمطر عين النجاسة، ومع بقائها فيه والأخذ منه لا محالة يبتلي المكلف بها إذا أخذ منه، فيكون القيد للارشاد إلى الأخذ من المحل الخارج لئلا يبتلى بها، ولهذا لم يذكر الجريان في ذيلها، وهو هكذا " قال: وسألته عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلي فيه