أما إن كانت الواقعة مثل المقام من عدم الدليل على التفصيل وإنما أردنا البناء عليه بدليل نفي القضاء والتقييد المشار إليه فلا يساعده العرف فإن ما يدل على نفي القضاء يدل على صحة الصلاة لدى العرف فيعارض ما دل على الإعادة.
هذا مع التأمل في أن هذا النحو من التقييد وانقلاب النسبة جمع مقبول عقلائي، بل كأنه أمر صناعي عقلي، لا جمع عرفي، والميزان في جمع الأدلة هو الثاني، وهو محل اشكال سيما في المقام الذي يأبى جل الروايات عن الحمل على ما بعد الوقت، كما لا يخفى على المتأمل فيها، فبقيت صحيحة ابن عبد ربه ورواية أبي بصير معارضتين لسائر الروايات.
ويمكن أن يجاب عن الأولى بأن الشرطية المذكورة فيها ظاهرة في دخالتها في الحكم، فيكون موضوع الإعادة النجاسة غير المعلومة، وهذا غير البناء على المفهوم كما هو المقرر في محله، فإذا قطعنا بعدم دخالتها في الحكم بل كان ذكرها مخلا بالمقصود أو لغوا يجب تنزيه ساحة القائل عنهما يدور الأمر بين زيادة الشرطية وما بعدها ونقصان كلمة " لا " قبل " يعيد " أو كون أداة الاستفهام غير مذكورة فيكون الاستفهام إنكاريا ولا ترجيح لواحد منها.
وبعبارة أخرى إن العمل بالظواهر ليس أمرا تعبديا، بل أمر عقلائي يتوقف على جريان الأصول العقلائية، كأصالة عدم الخطأ والنسيان والغفلة في صدورها حتى يجوز الاتكال عليها، وفي مثل المورد الذي كان القيد الزائد بلا وجه لا يعتد العقلاء بالأصول المتقدمة، سيما مع معارضتها بالروايات المستفيضة المصرحة بأنه لا يعيد إذا لم يعلم، والانصاف أن دعوى الجزم بوجود خلل فيها غير بعيدة.