التذكية الشرعية، فخصوصية السوق ليست لكاشفيته عن التذكية الشرعية بل لأجل أنه يعمل مع المأخوذ من يد المسلمين الذين لا يراعون شرائط التذكية معاملة المذكى توسعة على العباد، كما أنه يعمل مع ما في سوقهم وما صنع في أرضهم معاملته، كل ذلك للتوسعة.
وتشهد لما ذكرناه - مضافا إلى عدم صالحية مثل هذا السوق وتلك اليد للأمارية - الروايات الواردة في الباب الظاهرة فيما ذكرناه، وليس فيها بكثرتها ما تشعر بالأمارية، بل لسانها لسان أدلة الأصول، كقوله عليه السلام: " هم في سعة حتى يعلموا " وقوله عليه السلام: " إن الدين أوسع من ذلك " وقوله عليه السلام: " لا بأس ما لم تعلم أنه ميتة " وقوله عليه السلام: " صل فيها حتى تعلم أنه ميتة بعينه ".
وما ظهر لي بعد التأمل في الأخبار والنظر في حال سوق المسلمين في تلك الأعصار الذي كان منحصرا بالعامة أمران: أحدهما أن منشأ سؤال السائلين احتمال عدم مراعاة القصابين شرائط التذكية، والثاني أن الحكم على سبيل التوسعة لا للأمارية العقلائية ولا الجعلية الشرعية لو سلم إمكانها، كما تشهد لهما صحيحة الفضلاء " أنهم سألوا أبا جعفر عليه السلام عن شراء اللحوم من الأسواق ولا يدرى ما صنع القصابون؟
فقال: كل إذا كان ذلك في سوق المسلمين ولا تسأل عنه " (1).
فكان منشأ سؤال فقهاء أصحاب أبي جعفر عليه السلام اطلاعهم على فتاوى أبي حنيفة ومالك واختلافها معنا، وقوله عليه السلام:
" كل " الخ لا يدل إلا على جواز الأكل عما كان في سوق المسلمين لا لأماريته على التذكية الشرعية بالشرائط المقررة عند الفرقة المحقة ضرورة عدم أماريته لها كما مر، ولا لأصالة الصحة، فإنها غير جارية