فيها إنما تعلق بالشرب من الآنية لا بالمشروب، وأضعف منه تنظيره بما أخذ الحق الشرعي بحكم حاكم الجور، لوضوح الفارق، فإن الدليل هناك وهو مقبولة عمر بن حنظلة (1) دال على أن ما أخذه بحكمه سحت، فالحرمة تعلقت بما أخذ، بخلاف المقام، فإن النهي لم يتعلق بما شرب.
ويتلوه في الضعف قول بعض أهل النظر بأن " أضافة الحرمة إلى الذوات إنما هي بلحاظ الفعل المتعلق بها، فالمراد بحرمة المأكول ما دام في الآنية ليس إلا حرمة أكله فيها، فالاعتراض عليه بأن النهي عن الأكل لا يتعدى إلى المأكول ليس على ما ينبغي - ثم ذكر المناقشة التي أوردوها في الاستدلال بحديث الجرجرة، وأجاب عنها بأن - المتبادر منه كون الشرب بنفسه سببا لجرجرة النار في البطن لا مقدمته التي هي أجنبية عن البطن، فالمتبادر إلى الذهن من التشبيه ليس إلا حرمة المأكول التي مآلها إلى حرمة الأكل، كما أن هذا هو المتبادر من الأخبار الناهية، فهذا هو الأقوى " انتهى.
وأنت خبير بما فيه، فإن المراد من عدم حرمة المأكول ليس عدم حرمة الذات بما هي حتى يقال: إن الذات لا يتعلق بها النهي إلا بلحاظ الفعل، بل المراد أن المنهي عنه هو الاستعمال أو الشرب والأكل من الآنية أو فيها، لا شرب المائع فيها أو شرب الماء واللبن وسائر العناوين، فلا تسري الحرمة من الشرب إلى متعلقه أي الماء، فلا يكون شرب الماء من الآنية حراما، بل الشرب منها حرام بلا إضافة إلى متعلق، وإنما هو دخيل في تحقق عنوان المحرم لا جزء لموضوعه.