وقد استدل عليه تارة بأن ملاقاة دم نجس العين لسائر أجزائه موجب لطرو نجاسة أخرى عليه منها، وهي غير معفو عنها، وبعبارة أخرى أدلة العفو عن الدم ناظرة إلى العفو عنه لا عنه وعن ملاقيه، كما لو لاقى نجاسة أخرى كالعذرة والبول، وأخرى بأن دم نجس العين منطبق عنوانين: أحدهما كونه دما، وهو مانع، وثانيهما كونه جزء من نجس العين، وهو مانع آخر، وما دل على العفو عن الدم قاصر عن الدلالة على العفو عن العنوان الثاني، وثالثة بأن دم نجس العين من أجزاء غير المأكول، وهو مانع آخر، فالعفو عن الدم لا عنه، وسيأتي الكلام في هذا الأخير.
وأما الوجه الأول ففيه أنه لا دليل على انفعال أجزاء نجس العين بعضها عن بعض، بل ولا انفعال نجس عن مثله، فلا يتنجس بول من بول آخر، ولا بعض أجزاء الكافر بملاقاة بعض آخر من أجزائه، بل لا دليل على تنجس النجاسات بملاقاة بعضها مع بعض حتى فيما إذا كان أحد النجسين أغلظ وأشد، لعدم إطلاق أو عموم في أدلة الانفعال بالملاقاة، وعدم إمكان إلقاء الخصوصية من الموارد الجزئية، ولهذا لا يبعد القول بالعفو فيما إذا لاقى الدم المعفو عنه نجاسة أخرى إذا لم تكن أجزاؤها محققة فيه فعلا، بل استهلكت فيه ومع عدم ملاقاتها للجسد، فإنه مع ملاقاته يشكل العفو، وبالجملة لا شبهة في عدم الدليل على تنجس دم نجس العين بملاقاة أجزائه، فلا يكون دمه نجسا ذاتا وعرضا.
وأما الوجه الثاني ففيه أنه لا دليل على مانعية أجزاء نجس العين بما أنه أجزاؤه، بمعنى أن جزء الكلب بما أنه كلب يكون مانعا، بل الظاهر من الأدلة أن المانع النجاسة، فأجزاء الكلب بما أنها نجسة مانعة عن الصلاة لا بما أنها