ثم إنه بعد تصور المانعية بنحو لا ترجع إلى شرطية العدم لو قام دليل ظاهر في المانعية لا يجوز رفع اليد عنه، وإنما نطرح الظاهر إن قلنا بعدم تعقل المانعية، وقد عرفت تعقله.
ثم إن ما ذكرناه من تردد الأمر بين شرطية الطهارة أو عدم القذارة وبين مانعية القذارة الراجعة إلى منع الجمع بينهما إنما يصح لو امتنع الجمع بين شرطية الضد ومانعية ضده فيما لا ثالث لهما، وكذا بين شرطية الشئ ومانعية نقيضه، وإلا لما يبقى مجال للتردد، ولا تتعارض الأدلة لو فرض فيها ما هو ظاهرها الشرطية وما ظاهرها المانعية، كما لا يخفى.
والتحقيق امتناع ذلك، وعدم إمكان الجمع بين شرطية شئ ومانعية نقيضه أو ضده الذي لا ثالث له، لأن اشتراط شئ لماهية المأمور به لا يعقل بحسب الملاكات الواقعية إلا مع دخالته في حاملية الملاك، لئلا يلزم جزافية الإرادة، وكذا لا يمكن تعلق الإرادة بالفاقد مما هو دخيل في تحصيل الملاك، وكذا الحال في تعلق الأمر الواقعي، فحينئذ لو كان عدم النجاسة مثلا شرطا لماهية المأمور به لا يعقل وقوع المانع بين الملاك الواقعي لها مع وجود النجاسة، إذ قد عرفت أن التمانع إنما يكون بين الوجودين لا الماهيتين، وأما الشرطية فترجع إلى قيد في الماهية مع عدمه لا تكون حاملة للملاك، ومع عدم الملاك لا يعقل التمانع بين الملاكين.
وبالجملة الماهية المشروطة بشرط مع فقده لا تكون ذات الملاك ولا متعلقة للإرادة ولا للأمر، ومعه لا يعقل التمانع الذي طرفه الوجود بعد تمامية الملاك، هذا كله بحسب التصور والثبوت.
وأما حال مقام الاثبات ودلالة الأدلة فتتضح بعد التنبيه إلى ما مر