خلافا في المسألة حكما بل موضوعا بدعوى كونها من الأجزاء التي حلت فيها الحياة ولم تخرج بالاستحالة إلى أحد المذكورات، وفيه ما لا يخفى.
نعم يمكن أن يقال: إن مقتضى إطلاق قوله عليه السلام في صحيحة حريز: " وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصل فيه " لزوم الغسل ولو لم يلاق المأخوذ مع جلد الميتة برطوبة، وهو يقتضي نجاسة أمثال ذلك بعد الموت، ويكون الغسل موجبا لزوالها، فالموت سبب لنجاسة ما تحله الحياة ذاتا، فلا تزول بالغسل وغيره، وفي مثل المذكورات بمرتبة ترتفع بالغسل.
وفيه ما لا يخفى فإن مقتضى ما دل على طهارة المذكورات ذاتا والأمر في هذه الرواية بالغسل هو أن الغسل إنما هو لملاقاتها للميتة برطوبة، فالعرف بالارتكاز يقيدها بالصورة المذكورة، كما ورد نظيره في ملاقي الكلب ومصافحة اليهود وغيرهما مما لا يفهم منها إلا مع الملاقاة رطبا.
نعم ظاهر موثقة مسعدة بن صدقة عن جعفر عن أبيه عليهما السلام " قال جابر بن عبد الله: إن دباغة الصوف والشعر غسله بالماء، وأي شئ يكون أطهر من الماء؟ " (1) أن الشعر والصوف يحتاجان إلى التطهير بذاتهما، والتعبير بالدباغة مكان التطهير لعله بمناسبة قول العامة بأن دباغة جلد الميتة مطهرة، فالظاهر منها أن الشعر بذاته لا يكون طاهرا ويحتاج إلى الدباغة ليتطهر، ودباغته غسله بالماء، وحملها على النجاسة العرضية خلاف الظاهر جدا (2).