ولعل ما قيل: من أن المدعي هو الذي لو ترك ترك (1)، ينطبق - بحسب المصاديق - على مصاديق المعنى العرفي.
وأما ما قيل: من أن المدعي من كان قوله مخالفا للأصل; بمعنى أعم من القواعد العقلائية، والشرعية، والأصول كذلك حتى مثل أصل الاشتغال والبراءة (2).
فيمكن الخدشة فيه: بأن لا مضايقة في الانطباق - بحسب المصاديق - مع القواعد والأصول العقلائية، كاليد، وأصالة الصحة، وأصالة الظهور، وأمثالها.
وأما الأصل الشرعي كالاستصحاب، فلا يصلح لذلك، بعد عدم كونه من الأصول العقلائية، فلو ادعى أحد زوجية امرأة وأنكرتها، وكانت سابقا زوجته، فشك في بقائها، فبحسب نظر العرف، يكون المدعي هو الزوج، مع أن الاستصحاب موافق لقوله، وقول الزوجة مخالف لهذا الأصل.
ولو قيل: إن المدعي عرفا من كان قوله مخالفا للحجة، ومصداق الحجة لا يلزم أن يكون عرفيا.
يقال: إن من الواضح أن مفهوم «المدعي» لغة وعرفا غير ذلك، وليس عنوان «مخالفة الحجة» مساوقا لعنوان «الدعوى» ودعوى أن مصاديقهما متحدة غير مسموعة.
ثم لو قلنا: بذلك، فلا إشكال في أن الميزان، هو الأصل المعتبر شرعا في محط الدعوى، فإن كان الأصل مثبتا بالنسبة إلى محطها، لم يكن مخالفه مدعيا; لعدم حجيته وإن كان جاريا بالنسبة إلى أثر آخر.