ثم مع الغض عما ذكرناه، والتمسك بدليل الغرر، فمع الجهل بالاشتمال، هل يصح مع قيام الأمارة العقلائية على الاشتمال؟
ومع فقدها، هل يصح بالأصل لو كان له حالة سابقة؟
أقول: إن قلنا بأن المعتبر في صحة البيع هو العلم - أي الصفة الخاصة - وتكون تلك الصفة موضوعة لا كاشفة، فلا يصح الاعتماد على الظنون الخاصة، إلا أن تدل أدلة اعتبار الأمارات والاستصحاب، على قيامها مقام القطع بما هو صفة خاصة، وقد حقق في الأصول عدم الدليل على ذلك (1):
أما في خبر الثقة، فلأن الدليل على اعتباره، ليس إلا بناء العقلاء الممضى شرعا، وليس في الكتاب والسنة، ما يدل على حجية خبر الثقة تأسيسا، بل كلها أدلة إمضائية، ومعلوم أن بناء العقلاء على العمل بالأمارات الظنية، ليس من جهة قيامها مقام العلم، بل هي معتبرة ومعتمدة بنفسها في قبال العلم، نعم مع وجود العلم لا معنى للأمارة.
وأما في البينة، فلأنه لا يظهر من أدلة اعتبارها، تنزيل البينة منزلة العلم; لا في باب القضاء، ولا في غيره، كخبر مسعدة بن صدقة (2) فإن صدره وإن دل على أن «كل شئ حلال إلا أن يعلم أنه حرام» ثم بعد عد أشياء قال: «الأشياء كلها على هذا، حتى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم به البينة» ويوهم الصدر والذيل أن البينة بمنزلة العلم، لكن ذيله جعل العلم عديل البينة، وعطف بكلمة «أو».
والأظهر فيه: أن «العلم» المأخوذ في الصدر أعم من العلم الوجداني،