الغالب; من اشتراط الواقفين تقديم التعمير، فينصرف إليه (1) غير وجيه; فإن وجوب حفظه بصرف المال المختص بالحاضرين فيه، أول الكلام، ولا دليل عليه، والموقوف وإن صار - على ما أشرنا إليه - من مصالح عامة المسلمين أو طائفة منهم (2)، لكن حفظه بما ذكر لا دليل على وجوبه.
بل دليل حرمة الإضرار بالمسلم، وسلطنة الناس على أموا لهم محكم، والغلبة على فرضها لا توجب الانصراف; بحيث يصير المنشأ مقيدا بمثل هذا القيد.
نعم، يمكن تقريب تقديم التعمير على مسلك بعض أهل التحقيق، حيث ذهب إلى أن تسبيل المنفعة أبدا، موسع لدائرة الموقوفة - بمعنى أن العين بشخصها محبوسة ما دام إلى الانتفاع بها سبيل، وبما هي مال محبوسة إذا لم يمكن الانتفاع بها (3) - بأن يقال: إن تسبيل المنفعة أبدا إذا كان موسعا للوقف، فتأبيد الوقف مضيق لدائرة الانتفاع، فالمنافع للموقوف عليهم ما دامت العين باقية ولم تحتج في بقائها إلى التعمير، ومع الاحتياج تصرف في التعمير لحفظه، فالتأبيد في الوقف والتسبيل، متعاكسان في التوسعة والتضييق.
لكن قد تقدم بطلان المقيس عليه (4)، مع أن في القياس أيضا كلاما.
وأما دعوى: أن تقدم التعمير في الأملاك الشخصية على استفادة المنافع، أمر عقلائي; فإن في دوران الأمر بين هدم الملك، وبين صرف منفعة سنة أو أكثر في بقائه، يقدم العقلاء التعمير، فليكن الوقف أيضا كذلك، ولا أقل من صيرورة