وكان اتباع فضل الله للأسلوب الملتوي تأثير ما في تأخير بعض الردود حتى تجتمع الأدلة القوية على تحديد مقصوده، ولا يكون هناك مجال للتذرع بعدم قصده الرأي المنحرف، وكان لهذا التأخير تأثير سلبي في الجانب الاخر، فقد أغراه ذلك في المضي قدما لطرح المزيد من الإثارات، ولكن لكل شئ حدودا، فإذا كان الحرص على سلامة الساحة ووحدة الصف قد استوجب الاغماض عن بعض الانحرافات وذلك للسعي إلى إقناع مثير الفتنة عن التراجع أو التوقف على أقل تقدير من الإثارة، فإن السكوت أمام سيل البدع والضلالات بعد اجتماع كافة الأدلة والشواهد على إرادته لها ستكون له نتائج وخيمة على عقائد الناس وستبعث على جرأة بقية أصحاب البدع على هدم أسس المذاهب ومبانيه.
ولا أخفي على القارئ الكريم إن من أصعب الأمور التي واجهتني في تأليف هذا الكتاب وواجهت غيري أيضا ممن تصدى للرد، أن يكون طرفه الاخر في النقاش ممن لا يعرف الاستدلال وأصوله ومنهجه ويخلط الغث بالسمين، فلم تكن الصعوبة في الرد عليه في العثور على جواب بل كانت في العناء والجهد النفسي لسلوك الطرف الاخر الطرق الملتوية في الحوار وطرح الأفكار.
وتفاديا للدخول في تفاصيل بعض المسائل العلمية التخصصية حاولت التركيز في كتابي هذا على الموارد التي يمكن لأي فرد أن يعرف الخطأ وموقع الجهل الذي وقع فيه فضل الله، ليكتشف عن قرب أن مدعي المرجعية لا يفرق بين الراوي الثقة من غيره، وأنه يستبعد أمرا ثم يقر أنه لم يكن مطلعا على رواياته، وأنه يزعم أنه توجد رواية واحدة فقط في إحدى فضائل أمير المؤمنين عليه السلام رغم ما وجود ما يزيد عن عشرين رواية في تلك الأفضلية، وأمثال هذه الأخطاء المكشوفة التي لا تحتاج في تفاديها إلى عمق دراية واطلاع أو خلفية علمية كبيرة.
ومن هنا، كان أهم توخيته في كتابي هذا بعد تشييد الحقائق بالأدلة القاطعة للريب هو بيان أن الآراء المنحرفة لفضل الله لا تمثل رأي الطائفة المحقة، وكان الطريق لاثبات ذلك يتم عبر التركيز على مواطن الجهل لديه، ودون مبالغة وإغراق، فإن تلك المقولات الباطلة لا تصدر ممن له حظ من علم، وإن تلبس بزي أهل العلم، فهو جاهل بأبسط المقدمات العلمية التي يبتني عليها الرأي، فلا يجوز أن ينسب إليه رأي المذهب.
2 - التزييف الاعلامي:
وقد لا يكون من المبالغة لو قلنا أن حجم الشبكة الحزبية والمؤسسات الاعلامية التابعة لفضل الله المنتشرة في كثير من بلدان العالم بما تصدره من مجلات وصحف ونشرات وكتب، وتمارسه من أساليب وأنشطة العمل الحزبي، يفوق في طاقته الامكانيات المتاحة لأي مرجع تقليد أو مؤسسة إسلامية أخرى.