وكان حجم هذا التشكيك وتقارن الهجوم من عدة أطراف، وتوفر الامكانيات الاعلامية الضخمة، التي قد تفوق إمكانية بعض الدول مما يبعث على الريب في أهداف هذه الحملة ونوايا الجهات التي تقف خلفها.
وفضلا عن ذلك فإن الكارثة الكبرى كانت في أن الذين طرحوا هذه القضايا يعتبرون أنفسهم شيعة إماميين يسعون لتنزيه المذهب عما علق به من عقائد باطلة وخرافات بالية!
وكان على رأس هؤلاء المتصدين لهذه الحملة محمد حسين فضل الله الذي أخذ يطرح الأفكار المنحرفة في مجال العقائد والتاريخ بشكل مثير جدا وبكل ما يملك من طاقات وإمكانيات مادية. أي أن المصيبة هذه المرة - وبعبارة أكثر تحديدا ووضوحا - كانت في أن الذي تولى النخر في أعمدة البيت وكيانه ممن يحسب على البيت نفسه بل ويزعم أنه يحرسه! (وأرقب البيت من راقبه).
وقد لا يكون غريبا على ساحتنا أن تظهر عينات من قبيل الموسوي أو أحمد الكاتب وأضرابهم من الشخصيات المغمورة التي تثير بين الحين والاخر شبهات الوهابية في بعض مؤلفاتهم الأخيرة بإلغاء الشهادة الثالثة في الاذان والتخلي عن مظاهر العزاء الحسيني، ولكن مما لم نألفه في طوال المسيرة التي واكبها التشيع بكل ما فيها من تقلبات وظروف قاسية أن يكون أحد أبرز أصحاب راية الضلال شخص يطمع في التسلق إلى المرجعية الدينية - وبوسائل خاصة ليس هنا مجال الحديث عنها - وهي من أكثر المناصب قدسية واحتراما في عهد الغيبة الكبرى، وأخذ يجاهر من موقع مرجعيته المدعاة بأفكاره التي حكم كبار مراجعنا العظام وعلماء الحوزات العلمية بأنها من الضلالات والانحرافات التي يعتبر متبنيها مرتكبا لأكبر المحرمات.
وكان للموقف الصريح والواضح للحوزة العلمية، في حركة سيذكرها التاريخ بكل إجلال وإكبار، الدور الأساسي في التصدي لهذا الانحراف وتقويض أركانه، حتى تحول شهرا جمادى الأولى والثانية من كل عام إلى كابوس يدق على رؤوس كل من سولت له نفسه الطعن والتشكيك في موقف الطائفة المحقة من منزلة الزهراء البتول عليها السلام وشهادتها وما يرتبط بمقاماتها الثابتة بالنص والدليل.
* * * إننا نرى أن أهم أسباب هذا الموقف الحازم تعود إلى ما يلي:
1 - استغلال موقع المرجعية في الترويج للانحراف:
فلم يكن منشأ الحساسية لدى مراجعنا العظام هو مجرد تصدي من ليس أهلا للمرجعية لها، فقد شهد تاريخنا القديم والمعاصر برزو مثل هذه الحالة، وكانت أدنى درجات الوعي العام كفيلة في علاج المسألة، ولكن الامر كان مختلفا مع فضل الله،