ولذا فمن المحتمل صحه صدور أصل الحديث السابق - باعتبار تسميه النبي صلى الله عليه وآله له قبل وفاته - ولكن تلاعبت فيه أيدي الرواه بغيه التستر على قتل المحسن عليه السلام، علما بان الأحاديث الدالة على ولادة المحسن عليه السلام في حياه النبي صلى الله عليه وآله جلها من رواية السنة باستثناء هذه الرواية التي رواها القاضي النعمان، ولكن من يلاحظ متنها يجد أنها متطابقة تماما لما جاء في مصادر أهل العامة، وبه يرتفع وجه التعجب، ونقل محدثينا للروايات المذكورة في مصادر العامة غير عزيز.
6 - معاني الاخبار للشيخ محمد بن علي الصدوق (المتوفي سنه 381 ه)، فقد ذكر عده وجود لمعنى ما رواه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله من قوله للامام علي عليه السلام: (يا علي ان لك كنزا في الجنة وأنت ذو قرنيها)، ومن جمله تلك الوجوه ما ذكره بقوله: (وقد سمعت بعض المشايخ يذكر أن هذا الكنز هو ولده المحسن عليه السلام وهو الكنز الذي ألقته فاطمة سلام الله عليها لما ضغطت بين الجانبين، واحتج في ذلك بما روي في السقي في أنه يكون محبنطئا على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا، حتى يدخل أبواي قبلي، وما روي أن الله تعالى كفل ساره وإبراهيم أولاد المؤمنين يغذونهم بشجر في الجنة لها أخلاف كأخلاف البقر، فإذا كان يوم القيامة ألبسوا وطيبوا وأهدوا إلى آبائهم فهم في الجنة ملوك مع آبائهم). وبعد أن ذكر جميع الوجوه الواردة في العبارة السابقة قال:
(وهذا المعاني كلها صحيحه يتناولها طاهر قوله صلى الله عليه وآله: (لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها) (1). وقول الشيخ الصدوق هذا يمكن أن يعتبر أكثر أهمية مما رواه في كتابيه الأمالي والخصال عما وقع على الزهراء سلام الله عليها من الظلم كالضرب وكسر الضلع وإسقاط الجنين، إذ قد يتذرع البعض ويثير اعتراضا في هذا المجال بان القدماء من المحدثين كان من دأبهم نقل الروايات الواردة إليهم كما هي وإن كانت ضعيفه السند لا بقصد الالتزام بمضمونها ومحتواها، ولكن عبارة الشيخ الصدوق هنا في قبوله لصحة هذا الوجه كأحد الوجوه المذكورة في تفسير قول النبي صلى الله عليه وآله صريحه في تبنيه مسأله إسقاط الجنين محسن عليه السلام.
7 - تلخيص الشافي للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (المتوفي سنه 460 ه) سلام الله عليها، وقد روي أنهم ضربوها بالسياط، والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة إن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت فسمي السقط محسنا، والرواية بذلك مشهوره عندهم، وما أرادوا من إحراق البيت عليها حين التجأ إليها قوم وامتنعوا من بيعته، وليس لاحد أن ينكر الرواية بذلك لأنا قد بينا الرواية الواردة من جهة العامة من طريق البلاذري وغيره. ورواية الشيعة مستفيضة به لا يختلفون في ذلك) (2).