ثالثا: أما ما ذكره من أنه لو ثبت الاجماع فهو إجماع معلوم المدركية ولا حجية له، فهو غير تام في موردنا، لان مدرك الاجماع هو الروايات المتواترة أو المستفيضة، والتواتر والاستفاضة تستوجبان الحجية، هذا فضلا عن وجود الروايات المعتبرة الدالة على أصل وجود المحسن أو إسقاطه على يد القوم، رغم أنه لا يوجد في قبال هذه الروايات رواية واحده تنفي ذلك وإن كانت ضعيفه. أما دعواه بأن الشيخ الطوسي لم يكن متعمقا في قضايا تاريخية لا تتصف بالتعقيد فهي دعوى كبيره ولا أطن أنه يصحح إطلاقها عبر الاستشهاد بمثال أو مثالين، على أنه لو افترضنا صحه ذلك فهذا لا يبرر إسقاط قوله كليه حتى فيما لم يعلم بطلان قوله فيه كما فيما نحن فيه، بل إن الأدلة والقرائن قامت على صحته كما في قول ابن أبي الثلج البغدادي والشيخ الصدوق والسيد المرتضى والمسعودي وغيرهم، وغاية ما أثاره (فضل الله) هو ما أطلق عليه اسم التحليل التاريخي! أما ما ذكره الشيخ المفيد فسيأتي الكلام فيه وإنه لا يصح الاستدلال به على وجود المخالف. ولم تكن هذه المرة اليتيمة التي حاول فيها مولف (هوامش نقديه) التقليل من شأن الاجماع والتواتر في كلمات علمائنا حول الاعتداء على الزهراء سلام الله عليها وضربها، فقد سعى إلى تحريف معنى بعض العبارات الدالة على الاجماع كما في عبارة الشيخ الطوسي والشيخ كاشف الغطاء، واختار من عبارات الآخرين ما جاءت فيها كلمه المشهور ولم ينقل ما دل على التواتر فيها، وعلى سبيل المثال نقل عبارة العلامة المجلسي والتي ذكرها العلامة السيد جعفر مرتضى تحت رقم 31، وتحاشى نقل عبارته التي ذكرت تحت رقم 30 وجاء فيها: (ثم إن هذا الخبر يدل على أن فاطمه صلوات الله عليها كانت شهيدة، وهو من المتواترات) (1). ومن يدقق في كتاب الهوامش يجده على صغره مشحون بالتدليس والمغالطات، (ولقد أساء كاره ما عمل).
8 - تاج المواليد للحسن بن علي الطبرسي (المتوفى سنه 548 ه)، فقد ذكر في الفصل الخامس من الباب الثاني ما يلي: (وكان لأمير المؤمنين عليه السلام ثمانية وعشرون ولدا ويقال ثلاث وثلاثون ولدا ذكرا وأنثى: الحسن والحسين عليها السلام والمحسن الذي اسقط) (2).
وهذه العبارة صريحه في أن سقوط المحسن لم يكن بحاله طبيعية طارئة بل كان نتيجة فعل الجناة الظالمين، حيث إن الفعل هنا مبني للمجهول. وقال أيضا في الفصل الخامس من الباب الثالث في بيان أولاد فاطمة الزهراء عليها وعليهم السلام: (وكان لفاطمة سلام الله عليها خمسه أولاد ذكر وأنثى: الحسن والحسين عليها السلام، وزينب الكبرى وزينب الصغرى المكناة بأم كلثوم رضي الله عنهم، وولد ذكر قد أسقطته فاطمة سلام الله عليها بعد النبي عليه التحيه والسلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله سماه وهو حمل محسنا) (3).