دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصب حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها) (1). وعلى أسوأ التقادير فان عبارة الشيخ المفيد لا يمكن لها أن تقاوم الروايات الصحيحة المثبتة لأصل وجود السقط محسن عليه السلام وشهادته وكذلك عبارات الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والسيد المرتضى وابن شهرآشوب الصريحة في اشتهار أمر إسقاط الجنين وكونه من المسائل المعروفة المجمع عليها، وخصوصا إذا لا حظنا أن الشيخ المفيد لم ينكر أصل وجود السقط محسن على نحو الجزم، وإنما نسب وجوده إلى قول طائفه من الشيعة. تجدر الإشارة إلى ان بعض علماء الشيعة القدماء عمدوا إلى ذكر نفس نص الشيخ المفيد في كتابه الارشاد، ومن ذلك ما جاء في عمده عيون صحاح الاخبار للحافظ ابن البطريق شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الأربلي (المتوفى سنه 693 ه) في كشف الغمة في معرفه الأئمة (2)، ولا يعني ذلك ايمانا بعدم وجود السقط الشهيد محسن أو التشكيك فيه على فرض التنزل والقول بأن عبارة الشيخ المفيد تدل على التشكيك في ذلك ولا تقبل الحمل والتوجيه.
ويشهد لهذا أمور عديده، منها:
أ - إن بعض علمائنا ذكروا في كتبهم نفس عبارة الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) مع تصريحهم بأن فاطمة الزهراء سلام الله عليها قد أسقطت بعد الاعتداء عليها جنينا اسمه محسن، ومن ذلك ما ذكره العلامة الحلي (المتوفي سنه 726 ه) في كتابه (المستجاد) الذي اختصره من كتاب الارشاد حيث التزم كما في بقيه الموارد عبارة الشيخ المفيد بحذافيرها (3). ولكنه في كتابه (كشف المراد) - كما مر سابقا - يؤكد على مسألة إسقاط الجنين. وكذلك فعل العلامة الطبرسي (المتوفي سنه 548 ه)، ففي حين أكد على وجود السقط محسن كما مر آنفا في كتابه (تاج المواليد) نجده في كتابه (إعلام الورى بأعلام الهدى) يذكر نفس عبارة الشيخ المفيد (4). ولا يعقل صدور عبارتين متناقضتين من شخص واحد حول موضوع واحد، فالأنسب لرفعه هو القول أنهم لم يفهموا من كلام الشيخ المفيد ما يتناقض مع الاقرار باسقاط الجنين محسن عليه السلام.
ب - إن بعضهم أو عز الاختلاف الواقع في عدد أولاد أمير المؤمنين عليه السلام إلى عد المحسن من أولاده على أساس أصل وجوده أم عدم عده على أساس أنه سقط ميتا ولم يعيش في الدنيا، فقد نقل الأربلي عن كمال الدين بن طلحه ما يلي: (أعلم أيدك الله بروح منه أن أقوال الناس اختلفت في عدد أولاده عليه السلام ذكورا وإناثا، فمنهم من أكثر